الوليد وعمرو بن سعيد :
ثمّ إنّ الوليد بن عتبة وناسا معه من بني أميّة قالوا ليزيد : لو شاء عمرو بن سعيد لأخذ ابن الزبير ، فلموسم الحجّ لسنة إحدى وستين عيّن يزيد الوليد بن عتبة فحجّ ولم يتّبعه فيه ابن الزبير وأصحابه ونجدة الحنفي وأصحابه. ورجع من الحجّ إلى المدينة وخرج عمرو بن سعيد إلى بعد ليلتين منها ، وكان مواليه وغلمانه نحوا من ثلاثمئة رجل! فأخذهم الوليد وحبسهم وأبى أن يخلّيهم! فبعث عمرو رسولا إلى المدينة بأموال ليشتري لكلّ رجل منهم جملا وأداة وحقيبة فينيخ الجمال في السوق ثمّ يخبرهم فيكسروا باب سجنهم ويركبوا الجمال إلى عمرو ، ففعل رسوله ذلك وخرجوا إليه ، فخرج بهم إلى يزيد في الشام ، واعتذر إليه فقبل عذره (١).
يزيد ، وابن عباس :
مرّ الخبر عن بيعة ابن عباس ليزيد (٢) فلعلّ ذلك هو الذي أطمع ابن الزبير فيها منه ولا سيّما بعد مقتل الحسين عليهالسلام ، فأرسل إليه : أنا أولى من يزيد الفاسق الفاجر وقد علمت سيرته وسوابق معاوية ، وعلمت سيرتي وسوابق أبي الزبير مع رسول الله! ودعاه إلى بيعته. فقال ابن عباس : ما لي ولهذا وإنّما أنا رجل من المسلمين ، والفتنة قائمة وباب الدماء مفتوح! وامتنع عليه.
وبلغ ذلك إلى يزيد فكتب إليه : أمّا بعد ؛ فقد بلغني أنّ الملحد في حرم الله دعاك لتبايعه فأبيت عليه وفاء منك لنا! فانظر من بحضرتك من أهل بيتك ومن يرد عليك من البلاد فأعلمهم حسن رأيك فينا وفي ابن الزبير! وأنّ ابن الزبير إنّما
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٧٧ ـ ٤٧٩.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ٢٠٣.