فلما عرضت عليه سألني : من أنت؟ أعربيّ أنت أو مولى؟! قلت : لا بل عربيّ من آل زياد بن خصفة! فقال : بخ بخ ذكرت الشريف المعروف! الحق بأهلك! قال الصيقل : وكانت لي بصيرة في قتال القوم فقلت في نفسي : والله لآتينّ أصحابي فلاواسينّهم بنفسي ، فقبّح الله العيش بعدهم! فأتيتهم وقد سبقني إليهم سعر الحنفي وخبر مقتل نعيم بن هبيرة الشيباني وهزيمة أصحابه ، وأقبل الأشعث بخيله إلى المختار ، فدخل من ذلك على أصحاب المختار أمر خطير! وجاء شبث حتّى أحاط بالمختار وأصحابه ، وجاء يزيد بن الحارث بن رويم في ألفين من قبل ابن مطيع حتّى وقفوا في أفواه سكك جرير. فولّى المختار على خيله يزيد بن أنس ، وهو التزم الرجّالة (١).
حملة شبث ومقابلته :
روى أبو مخنف الأزدي عن الحارث بن كعب الأزدي الوالبي وكان مع يزيد بن أنس في خيل المختار ، قال : قال لنا يزيد بن أنس : يا معشر «الشيعة» قد كنتم تقتّلون ، وتقطّع أيديكم وأرجلكم ، وتسمل أعينكم ، وترفعون على جذوع النخل في حبّ «أهل بيت» نبيّكم ، وأنتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوّكم! فما ظنّكم إن ظهر عليكم اليوم هؤلاء القوم؟! إذا ـ والله ـ لا يدعون منكم عينا تطرف ، وليقتلنّكم صبرا! ولترون منهم في أولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه! والله لا ينجيكم منهم إلّا الصبر والصدق ، والطعن الصائب في أعينهم ، والضرب المتدارك على هامهم! فتيسّروا للشدّة وتهيّؤوا للحملة ، فإذا حرّكت رايتي مرّتين فاحملوا. قال الحارث : فتهيّأنا وانتظرنا أمره.
وفي هذه الأثناء ...
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٥ ـ ٢٦ عن أبي مخنف.