ويا ليته كان عبدالملك كما أوصى عامله الحجّاج بأن لا يتعرض لآل أبي طالب ، كان يوصيه بأن لا يهين إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فإنّ الحجّاج لمّا رأى الحجاج يطوفون بقبر الرسول ومنبره قال : (تبّاً لهم)! إنّما يطوفون بأعواد ورمّةٍ بالية! هلا طافوا بقصر أميرالمؤمنين عبدالملك؟! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء في أهله خير من رسوله إليهم (١)؟!
ثمّ كتب بهذا الاكتشاف الجديد إلى عبدالملك يقول : إنّ خليفة الرجل في أهله أكرم عليه من رسوله إليهم! وكذلك الخلفاء ـ يا أميرالمؤمنين : ـ أعلى منزلةً من المرسلين (٢) : ولم يردّ عليه عبدالملك.
السجاد والباقر عليهما السلام وجابر الانصاري :
وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله خصّ جابر الانصاري بقوله : «إنك ستدرك رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم» (٣) أن تدرك محمد بن علي (بن الحسين) فأقرأه مني السلام (٤).
وقد مرّ أن الباقر عليه السلام ولد في عام (٥٧ هـ) ولم يُعلم متى عمل جابر بوصية نبيّه صلّى الله عليه وآله ، ولعلّه انتظر حتّى يدرك الباقر عليه السلام طبيعياً سلام جدّه ويرد عليه ، واليوم في عام (٥٧٤ هـ) هو شاب في السابعة عشرة من عمره ، فلعلّه اليوم في ظل الأمان النسبي من ابن مروان للسجاد عليه السلام رأى الظرف مناسباً لذلك.
__________________
(١) الكامل للمبرّد : ٢٢٢ ، وسنن أبي داوود ٤ : ٢٠٩ ، وشرح النهج للمعتزلي ١٥ : ٢٦٢ عن كتاب افتراق هاشم وعبد شمس ، لأبي العباس الدبّاس ، والنصائح الكافية : ٨١ عن الجاحظ. ونقل جدلاً حوله الدكتور طه حسين في كتابه الأيام بين مشايخ الأزهر!
(٢) العقد الفريد ٢ : ٣٥٤ ، وراجع مقدمة هذه الموسوعة ١ : ٥١.
(٣) اختيار معرفة الرجال : ٤١ ، الحديث ٨٨.
(٤) اختيار معرفة الرجال : ٤٢ ، الحديث ٨٩.