العرب! فقال له : قل لهم : لا يشقنّ ذلك عليكم ، فأنتم منّي وأنا منكم! ثمّ قرأ من سورة السجدة : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)(١) فلمّا سمعها منه الموالي قالوا : أبشروا فو الله لكأنّكم به قد قتلهم (٢).
ولمّا رأى أنّ أشرافهم يلتحقون بالبصرة وبلغه أنّهم يتّهمونه بالكذب بل يسمّونه «الكذّاب» قال : ما من ديننا ترك قوم قتلوا الحسين عليهالسلام يمشون أحياء في الدنيا آمنين! بئس «ناصر آل محمد» أنا إذا في الدنيا! أنا إذا الكذّاب كما سمّوني! فإنّي بالله استعين عليهم! الحمد لله الذي جعلني سيفا ضربهم به ، ورمحا طعنهم به ، وطالب وترهم والقائم بحقّهم ، إنّه كان حقّا على الله أن يقتل من قتلهم ، وأن يذلّ من جهل حقّهم. فسمّوهم لي ثمّ اتّبعوهم حتّى تفنوهم! فإنّه لا يسوغ لي الطعام والشراب حتّى اطهّر الأرض منهم ، وانقّي المصر عنهم (٣).
وكان من قتلة الحسين عليهالسلام : عبد الله بن اسيد الجهني ، ومالك بن النسير البدّي ، وحمل بن مالك المحاربي ، وكانوا قد ابتعدوا إلى القادسية ودلّ عليهم عبد الله بن دباس (قاتل محمّد بن عمار بن ياسر!) فبعث المختار عليهم من رؤساء أصحابه مالك بن عمرو النهدي ، فأتاهم وهم بالقادسية فأخذهم وأقبل بهم حتّى أدخلهم عليه عشاء.
فقال لهم المختار : يا أعداء الله وأعداء كتابه وأعداء رسوله وآل رسوله! أين الحسين بن عليّ؟! أدّوا إليّ الحسين ، قتلتم من امرتم «بالصلاة عليه في الصلاة»؟!
قالوا : رحمك الله! بعثنا ونحن كارهون ، فامنن علينا واستبقنا.
__________________
(١) السجدة : ٢٢.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٣٣ عن أبي مخنف.
(٣) تاريخ الطبري ٦ : ٥٧.