وكانت قبائل قيس مع الضحّاك بن قيس الفهري وحاربوا مروان وهزموا ، فكانت كلّها اليوم بالجزيرة وهم أهل خلاف لمروان وآل مروان ، ومع ذلك كان ابن زياد قد استزاد بهم في جنوده.
وجاء ابن زياد حتّى نزل قريبا من جند ابن الأشتر على شاطئ نهر الخازر.
وكان زعيم قيس مع ابن زياد عمير بن حباب السلمي فأرسل إلى ابن الأشتر أنّه يريد لقاءه الليلة ، فأرسل إليه ابن الأشتر : إذا شئت فالقني. فأتاه عمير ليلا وأخبره أنّ ابن زياد جعله على ميسرته ، وبايع ابن الأشتر وواعده أن ينهزم بالناس!
فأراد إبراهيم امتحانه فقال له : ما رأيك أن اخندق عليّ وأتلوّم يومين أو ثلاثة؟!
فقال عمير : إنّا لله! وهل يريد القوم إلّا هذه! فهو خير لهم! فهم كثير أضعافكم وليس يطيق القليل الكثير في المطاولة ، ولكن ناجز القوم ، فإنّهم قد ملئوا منكم رعبا ، وإنّهم إن شاموا أصحابك وقاتلوهم يوما بعد يوم ومرّة بعد مرّة أنسوا بهم واجترؤوا عليهم!
فقال إبراهيم : صدقت فالرأي ما رأيت ، والآن علمت أنّك مناصحي ، أما إن صاحبي أوصاني بهذا وأمرني به. فقال عمير : إنّ الشيخ (المختار) قد ضرّسته الحروب وقاسى منها ما لم نقاس فلا تعدون رأيه! أصبح فناهض الرجل. ثمّ انصرف عمير السلمي. فأذكى ابن الأشتر تلك الليلة حرسه كلّ الليل ولم يغمض عينه (١).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٨٦ ـ ٨٧.