ولا يوفد مثلك؟! قال : بلى! قال : وزوّجتك سيدة قومها ماوية بنت مسمع ، ولم تكن لها بأهل! قال : بلى! قال : فما حملك عن الخروج؟ قال : أخرجني باذان (؟) قال : فمن أخرجك عن حجلة أهلك؟! قال : أخرجني باذان! وكان معمّما فكشطوا عمامته فإذا هو محلوق! فأمر به فضربت عنقه (١).
قال : واتي بالشعبي فعاتبه فقال الشعبي : أجدب بنا الجناب ، وأحزن بنا المنزل ، واستحلسنا الخوف (منك) وخبطتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء!
فقال الحجّاج : لله أبوك! ومنّ عليه فتركه. وقتل الحجّاج في مسكن أربعة آلاف أو خمسة آلاف أسير (٢). وجعل يتلقّط بقاياهم حتّى قتل خلقا كثيرا ، وعفا عن جماعة منهم الشعبي وإبراهيم النخعي.
وفي السنة التي هرب فيها ابن الأشعث بني الحجاج مدينة واسط وقال : انزل بين البصرة والكوفة (٣) كأنه استنكف من الأوبة إلى الكوفة بل والبصرة وقد قتل منهم خلقا كثير!
وقال ابن قتيبة : لما انهزم ابن الأشعث وكان الحجّاج مترجلا وقد وضع له منبر من حديد دعا بدابته فركبها وركب من معه فانتهى إلى ربوة فأومأ إليها ووقف في ذلك المرتفع ، ينظر إلى معسكر ابن الأشعث وأصحابه ينتهبونه.
ثمّ رجع إلى معسكره فنزل إلى فسطاطه فجلس وأذن فدخلوا عليه يهنئونه بفتحه ، وأخذوا يأتونه بالأسرى فيقتلهم إلى الليل. ثمّ قفل إلى واسط التي بناها ،
__________________
(١) تاريخ خليفة : ١٧٧ و ١٧٨.
(٢) تاريخ خليفة : ١٨١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧٨ و ٢٧٩.