وجلّ أهل بيته إلّا أخويه محمد ابن الحنفية (وعمر ابن التغلبية) وابن عمّه عبد الله بن جعفر خرج وهو يتلو هذه الآية : (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(١).
وكان قد بلغهم خروج ابن الزبير من غير الطريق الأعظم ، فلمّا لزم الإمام عليهالسلام الطريق الأعظم قال له بعض أهله : لو تنكّبت الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير لا يلحقك الطّلب؟! فقال عليهالسلام : لا والله لا افارقه ، حتى يقضي الله ما هو أحبّ إليه.
وكان من أتراب الإمام عليهالسلام رجل من بني عديّ قبيل الخليفة عمر ، هو عبد الله بن مطيع العدوي سكن المدينة على عهد عمر ، ولعلّه كان في عمرة رجب راجعا من مكّة ، إذ قابل الحسين عليهالسلام فسأله : جعلت فداك! أين تريد؟ قال عليهالسلام : أمّا الآن فإنّي اريد مكّة ، وأمّا بعدها فإنّي استخير الله (أطلب الخير منه).
وكأنّ العدويّ رأى الكلمة من الإمام عليهالسلام إشارة إلى إمكانية استجابته لشيعته من أهل الكوفة ، فقال له : خار الله لك ، وجعلنا فداك! فإذا أنت أتيت مكّة فإيّاك أن تقرب الكوفة ، فإنّها بلدة مشؤومة! بها قتل أبوك وخذل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه! الزم الحرم ، فإنّك سيّد العرب! لا يعدل ـ والله ـ بك أهل الحجاز أحدا! ويتداعى إليك الناس من كلّ جانب! لا تفارق الحرم! فداك عمّي وخالي! فو الله لئن هلكت لنسترقّنّ بعدك (٢).
ولم يذكر في الخبر كلام الإمام عليهالسلام جوابا لهذا العدويّ على حذره وتحذيره من تغرير الكوفيين.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٤٣ عن أبي مخنف ، وفي الإرشاد ٢ : ٣٤ ـ ٣٥ والآية من القصص : ٢١.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥١ عن أبي مخنف ، وأنساب الأشراف ٣ : ١٥٩ ، الحديث ١٦٥.