وأتي بالشعبي إلى الحجّاج في سورة غضبه وهو يقتل الأسرى إلّا من أقرّ بالكفر أو النفاق! فلقيه يزيد بن أبي مسلم مولى الحجّاج وحاجبه فقال له :
يا شعبي! لهفي للعلم الذي بين دفّتيك! وليس هذا بيوم شفاعة! إذا ادخلت على الأمير فأقرّ له بالكفر والنفاق عسى أن تنجو!
وأدخل الشعبي والحجّاج واضع رأسه ، فلمّا رفع رأسه رآه وعرفه فقال له : وأنت أيضا يا شعبي ممّن أعان علينا وألّب؟ قال : أصلح الله الأمير ؛ إنّي امرت بأشياء أقولها لك ارضيك بها وأسخط الربّ! فلست أفعل ذلك! ولكنّي اصدقك القول ، فإن كان شيء ينفع لديك فهو في الصدق إن شاء الله : أحزن بنا المنزل. وأجدب الجناب ، واكتحلنا السهر واستحلسنا الخوف (منك) وضاق بنا البلد العريض فوقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء!
فقال له الحجّاج : كذلك؟ قال : نعم أصلح الله الأمير وأمتع به. وكان مع الحجّاج جنود الشام فقال لهم :
يا أهل الشام : صدق والله ما كانوا بررة أتقياء فيتورّعوا عن قتالنا! ولا فجرة أقوياء فيقووا علينا! ثمّ قال للشعبي : انطلق يا شعبي فقد عفونا عنك فأنت أحقّ بالعفو ممّن يأتينا وقد تلطّخ بالدماء ثمّ يقول : كان كذا وكان كذا.
وبعد شهرين رفع إلى الحجّاج فريضة من فرائض الإرث أشكلت عليه في : امّ وجّد وأخت. فقال : من هاهنا نسأله عنها؟ فدلّ على الشعبي فأرسل إليه فسأله عنها ، فقال له :
أصلح الله الأمير ، قال فيها خمسة من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله : عليّ بن أبي طالب! وأمير المؤمنين عثمان! وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود ،