والله ما فريت إلّا جلدك ، ولا حززت إلّا لحمك ، وسترد على رسول الله صلىاللهعليهوآله برغمك ... يوم يجمع الله شمل لحمته وعترته في حظيرة القدس ملمومين من الشعث ، وذلك قول الله تبارك وتعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(١).
وسيعلم من بوّأك ومكّنك من رقاب المؤمنين ، إذا كان الحكم الله والخصم محمّد صلىاللهعليهوآله ، وجوارحك شاهدة عليك! فبئس للظالمين بدلا ولتعلمنّ أيّكم (شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً)(٢).
مع أنّي ـ والله يا عدوّ الله وابن عدوّه ـ استصغر قدرك واستعظم تقريعك! غير أنّ العيون عبرى والصدور حرّى! وما يجزي ذلك أو يغني عنّا وقد قتل الحسين عليهالسلام ... يعطوهم أموال الله على انتهاك محارم الله! فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، وهذه الأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات! فلئن اتّخذتنا مغنما فلتجدنّ مغرما ، حين لا تجد إلّا ما قدّمت يداك ، تستصرخ بابن مرجانة ويستصرخ بك! وتتعاوى وأتباعك عند الميزان ، وقد وجدت أفضل زاد زوّدك معاوية قتلك ذريّة محمّد صلىاللهعليهوآله!
فو الله ما اتّقيت الله ، ولا شكواي إلّا إلى الله. فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك! فو الله لا ترحض عنك عار ما أتيت إلينا أبدا.
والحمد لله الذي ختم بالسعادة والمغفرة لسادات شبّان الجنان وأوجب لهم الجنة ، وأسأل الله أن يرفع لهم الدرجات وأن يوجب لهم المزيد من فضله ، فإنّه وليّ قدير» (٣).
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩.
(٢) مريم : ٧٥.
(٣) بلاغات النساء : ٢١ ـ ٢٣.