في أيديهم ، يعملون بالشبهات ويسيرون بالشهوات ، سلّطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم.
فأسلمتم الضعفاء في أيديهم : فمن بين مستعبد مقهور ، وبين مستضعف على معيشته مغلوب ، يتقلّبون في الملك بآرائهم ، ويستشعرون الخزي بأهوائهم ، اقتداء بالأشرار وجرأة على الجبار! في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع! فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة ، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس من جبّار عنيد وذي سطوة على الضعفة شديد ومطاع لا يعرف المبدئ المعيد!
فيا عجبا! وما لي لا أعجب! والأرض من غاشّ غشوم ، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم! فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا ، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا!
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منّا تنافسا في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ، ونظهر «الإصلاح» في بلادك ، ويأمن المظلومون من عبادك ، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك. وإنّكم إن لم تنصفونا وتنصرونا قوي الظلمة عليكم وعملوا في إطفاء نور نبيّكم! وحسبنا الله عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير (١).
هذا ما جاء مرسلا منفردا في «تحف العقول» مما يتناسب صدورا من الحسين عليهالسلام ولا يتناسب خطابا إلّا لذلك الحشد المذكور في الخبر السابق عن سليم بن قيس الهلالي في موسم الحجّ. ثمّ لم يذكر فيهما ولا في غيرهما أي عمل أو ردّ فعل من معاوية أو عامله على مكة أو الموسم أو المدينة. ويبعد جدا أن يكون الخبران عن خطبتين في موسمين. والأخير يستشهد به لولاية العلماء الفقهاء المعبّر عنها فيه بمنزلة العلماء.
__________________
(١) تحف العقول : ١٧١ ، ١٧٢ مرسلا.