ثمّ أنتم ـ أيتها العصابة ـ عصابة بالعلم مشهورة ، وبالخير مذكورة ، وبالنصيحة معروفة ، وبالله في أنفس الناس مهابة يهابكم الشريف ، ويكرمكم الضعيف ، ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يدلكم عنده ، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلّابها ، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر! أليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله ، وإن كنتم عن أكثر حقّه تقصّرون! إذ استخففتم بحقّ الأئمة!
فأمّا حقّ الضعفاء فضيعتم ، وأمّا حقكم ـ بزعمكم ـ فطلبتم! فلا مالا بذلتموه ، ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله! وأنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه!
لقد خشيت عليكم ـ أيّها المتمنّون على الله ـ أن تحلّ بكم نقمة من نقماته! لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضّلتم بها ، ومن يعرف بالله لا تكرمون ، وأنتم بالله في عباده تكرمون. وترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون ، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون ، وذمّة رسول الله صلىاللهعليهوآله مخفورة (فلا تنكرون) والعمى والبكم والزمنى في المدائن مهملة لا ترحمون ، لا في منزلتكم تعملون ولا من عمل فيها تغنون ، وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون. كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون.
وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من «منازل العلماء» لو كنتم تعون! ذلك لأنّ «مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه» فأنتم المسلوبون تلك «المنزلة». وما سلبتم ذلك إلّا بتفرقكم عن الحقّ واختلافكم في السنّة بعد البيّنة الواضحة! ولو صبرتم على الأذى وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت «أمور الله» عليكم ترد ، وعنكم تصدر ، وإليكم ترجع! ولكنّكم مكّنتم الظلمة من «منزلتكم» وأسلمتم «أمور الله»