زابلستان (١) وكل ملك يلي هذا الصقع من بلاد الهند! يقال له رتبيل (٢) فلمّا صار إلى سجستان أقام في بست وضبط أطرافه ، ثمّ سار يريد رتبيل ملك البلد فلمّا أوغل في بلاده خاف الكمين فرجع إلى بست وكتب إلى الحجّاج يعلمه أنّه أخّر غزو رتبيل إلى العام المقبل فكتب إليه الحجّاج ينسبه إلى العجز ويغلظ له ويتوعّده فيه ، فجمع أطرافه إليه وحرّضهم على الحجّاج ودعاهم إلى خلعه فأجابوه وبايعوا له لبغضهم الحجّاج وسطوته (٣).
وكان في عسكره أيوب بن القريّة التميمي وكان كليما مفوّها ، فسأله أن يصدر رسالة إلى الحجّاج يخلع فيها طاعة الحجّاج ، فكتب له ابن القريّة رسالة فيها :
بسم الله الرحمنِ الرحيم من عبد الرحمان بن محمّد بن الأشعث! إلى الحجّاج بن يوسف ، سلام على أهل طاعة الله وأوليائه الذين يحكمون بعدله ويوفون بعهده ، ويجاهدون في سبيله ويتورعون لذكره ، ولا يسفكون دما حراما ولا يعطّلون للربّ أحكاما ولا يدرسون له أعلاما ، ولا يتنكّبون النهج ولا يسارعون في الغيّ ، ولا يدلّلون الفجرة ولا يتراضون الجورة ، بل يتمكّنون عند الاشتباه ، ويتراجعون عند الإساءة.
أمّا بعد ؛ فإنّي أحمد إليك الله حمدا بالغا في رضاه ، منتهيا إلى الحقّ في الامور الحقيقيّة عليه لله. وبعد فإنّ الله أنهضني لمصاولتك وبعثني لمناضلتك ، حين تحيّرت امورك وتهتّكت ستورك ، فأصبحت عريان حيران مبهتا ، لا توافق وفقا ولا ترافق رفقا ولا تلازم صدقا.
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٢٧١.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٣١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧٧ ، والتنبيه والإشراف : ٢٧١.