ثمّ النهروانات ثمّ لزم شاطئ دجلة حتّى خرج على المدائن ، وكان عليها كردم بن مرثد الفزاري فهرب ، فشنّوا الغارة على أهل المدائن يقتّلون الرجال والولدان والنساء ويبقرون الحبالى! ثمّ أقبلوا إلى ساباط المدائن فوضعوا سيوفهم في الناس.
وكان على الكوفة الحارث الملقّب بالقباع فأتاه أهل الكوفة وقالوا له : إنّ هذا عدوّنا قد أظلنا فاخرج بنا! فخرج ونزل النخيلة فأقام أيّاما ، وخرج معه إبراهيم بن الأشتر النخعي فقال له : فانهض بنا إليه وأمر بالرحيل! فخرج فنزل دير عبد الرحمان فأقام فيه ، وخرج معه شبث بن ربعي التميمي فكلّمه بمثل مقال ابن الأشتر فارتحل إلى الصّراة في بضعة عشر يوما وقد انتهى إليها أوائل خيول العدو وطلائعه ، فلمّا أخبرهم عيونهم بخروج جمع أهل الكوفة إليهم قطعوا الجسر دونهم!
فقال إبراهيم للحارث : اندب معي الناس حتّى أعبر إلى هؤلاء الكلاب! وكان شبث بن ربعي وأسماء بن خارجة الفزاري ويزيد بن الحارث الشيباني ومحمّد بن عمير بن عطارد ومحمّد بن الحارث حاضرين فكأنهم حسدوا ابن الأشتر فقالوا للحارث : لا تبدأهم دعهم فليذهبوا! واغتنم الحارث ذلك فتحبّس عنهم. فقام رجال وطلبوا منه إعادة الجسر حتّى يعبروا إليهم ، فأمر بذلك فاعيد الجسر ، فعبر الناس إليهم فطار الخوارج الأزارقة إلى المدائن ثمّ خرجوا منها ، فأتبعهم الحارث بعبد الرحمان بن مخنف الأزدي في ستّة آلاف ليخرجهم من أراضي الكوفة فإذا دخلوا أراضي البصرة خلّاهم ، ففعل ذلك ثمّ انصرف عنهم.
ومضوا إلى إصفهان وعليها عتّاب بن ورقاء فأقاموا عليه وحاصروه ، فخرج إليهم فقاتلهم فلم يطقهم وشدّوا على أصحابه حتّى دخلوا المدينة ، وأخذ يخرج إليهم في كلّ يوم فيقاتلهم على باب المدينة ، ويرمونهم من السور