فأجابه حجر : إن الصبر على حدّ السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه ، ثمّ القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيّه أحبّ إلينا من دخول النار! وصدّقه جماعة ممّن كانوا معه.
ثمّ كلّم معاوية قوم في ستّة منهم ، وهم نصف من كان مع حجر أجابوا إلى البراءة من عليّ!
فلمّا قدّم حجر ليقتل قال : دعوني اصلّي ركعتين ، فجعل يطوّل في صلاته ، فقيل له : أجزعا من الموت! فقال : لا ، ولكنّي ما تطهّرت للصلاة قط إلّا صلّيت وما صلّيت قط أخفّ من هذه. ثمّ قال : وكيف لا أجزع وإنّي لأرى قبرا محفورا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا (١) ولو لا أن تظنّوا بي خلاف ما بي لأحببت أن تكون الركعتان أطول ممّا هما ، وإنّي لأوّل من رمى بسهم في هذا الموضع وأوّل من اهلك فيه ، ثمّ ضربت عنقه ، ثمّ أعناق القوم معه ، ثمّ كفّنوا ودفنوا ، وهم : حجر بن عدي الكندي ، وشريك بن شداد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل الشيباني ، وقبيصة ابن ضبيعة العبشمي ، ومحرز بن شهاب التميمي ، وكدّام بن حيّان العنزي (٢) كذا في اليعقوبي ، وفي الطبري : عبد الرحمن بن حسّان الكندي ، وقال : إن معاوية أمر بعزله عنهم فلمّا عزل قال لحجر : لا يبعدنّك الله يا حجر فنعم أخو الإسلام كنت! وردّه معاوية إلى زياد فلم يقتله ولكن أمر فدفنوه حيّا! وعدّ منهم كريم بن عفيف الخثعمي وقال هذا لحجر : لا تفقد ولا تبعد فقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر (٣).
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٣ و ٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣١.
(٣) الطبري ٥ : ٢٧٧. ولأبي مخنف كتاب في مقتل حجر رواه عنه الكلبي وعنه الطبري ٥ : ٢٥٢ ـ ٢٨٥ ٣٣ صفحة تقريبا.