هكذا جاهر الحسين عليهالسلام معاوية بالإنكار على منكراته هذه ، وأهمّها بيعة يزيد ، فأطلع معاوية ابنه يزيد على ذلك وقال له : لقد كان في نفسه ضبّ (حقد) ما أشعر به! فقال يزيد : أجبه جوابا تصغّر فيه إليه نفسه ، وتذكر فيه أباه بشرّ فعله!
وكان ذلك بعد ما عزل عن مصر عبد الله بن عمرو بن العاص بعد عامين من أبيه ، وكان قد عاد إليه في دمشق ، فدخل عليه فأقرأه كتاب الحسين عليهالسلام ، فقال مثل قول يزيد ، فضحك معاوية وقال : وقد أشار عليّ يزيد بمثل رأيك ، وقد أخطأتما! أرأيتما لو أنّي ذهبت لعيب عليّ حقا ما عسيت أن أقول فيه؟! ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل وما لا يعرف! ومتى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل به ولا يراه الناس شيئا وكذّبوه. وما عسيت أن أعيب حسينا؟! وو الله ما أرى للعيب فيه موضعا! وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعّده وأتهدّده (كأنّه لم يفعل) ثمّ رأيت أن لا أفعل (١).
وكتب إليه ابن عباس : أمّا بعد ، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت : وأن ليس معي منك أمان! وإنّه ـ والله ـ ما منك يطلب الأمان يا معاوية ، وإنّما يطلب الأمان من الله رب العالمين. وأما قولك في قتلي! فو الله لو فعلت للقيت الله ومحمدا خصمك! فما أخاله أفلح ولا أنجح من كان رسول الله خصمه! وأما ما ذكرت من أنّي ممّن ألبّ في عثمان وأجلب. فذلك أمر غبت عنه ولو حضرته ما نسبت إليّ شيئا من التأليب عليه ... وأمّا قولك لي. العن قتلة عثمان ، فلعثمان ولد وخاصّة وقرابة هم أحقّ منّي بلعنهم فإن شاؤوا فليلعنوا أو يمسكوا والسلام.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٥١ ، ٥٢ ، الحديث ٩٩.