ونقل ابن قتيبة عن أبي معشر قال : فأمر رجلا عنده يقال له : ابن الزويرع فضرب عنقه ، ثمّ أدرجه في بساط تحت سريره.
وكان لعبد الملك أخ من الرضاعة قد تفقّه يقال له : قبيصة بن ذويب الخزاعي (الصحابي) كان عبد الملك يشاوره وقد سلّمه خاتمه (١)! فدخل عليه الساعة ، ولعلّه لذا أخفى جثة الأشدق ، فسأله عبد الملك : كيف رأيك في عمرو بن سعيد؟ وأبصر قبيصة رجل عمرو تحت السرير! فقال له : يا أمير المؤمنين اضرب عنقه! فقال عبد الملك : جزاك الله خيرا! ما علمتك إلّا أمينا ناصحا موفّقا! فما ترى في هؤلاء الذين أحدقوا بنا وأحاطوا بقصرنا؟! وفيه : أنّهم كانوا أربعة آلاف رجل مسلّح! فقال قبيصة : يا أمير المؤمنين! اطرح رأسه إليهم ثمّ اطرح عليهم الدنانير والدراهم يتشاغلون بها! هذا وهو الخازن.
فأمر عبد الملك أن يطرح إليهم رأس عمرو من أعلى القصر وتطرح لهم الدنانير وننثر عليهم الدراهم! ففعلوا ذلك.
ثمّ ناداهم مناديه : إنّ أمير المؤمنين قد قتل صاحبكم بما كان من القضاء السابق والأمر النافذ! ولكم على أمير المؤمنين عهد الله وميثاقه : أن يحمل راجلكم ويكسو عاريكم ويغني فقيركم ، ويبلّغكم إلى المئتين في الديوان بل إلى أكمل ما يكون من الرزق والعطاء! فاعرضوا أنفسكم على ديوانكم ، ويسلم لكم دينكم ودنياكم! فصاحوا : نعم نعم سمعا وطاعة لأمير المؤمنين (٢)!
ووافى أخو عمرو : يحيى بن سعيد بمن معه من رجاله إلى باب القصر ليكسره فخرج إليه موالي عبد الملك فاقتتلوا .. ثمّ اخذ أسيرا إلى عبد الملك.
وهكذا اجتمعت الكلمة له وانقاد الناس إليه.
__________________
(١) وخزائن بيوت الأموال ، كما في تاريخ خليفة : ١٩٠ ، وعدّه من الصحابة في : ١٨٥.
(٢) الإمامة والسياسة ٢ : ٢٢.