فقام حبيب بن مظاهر الأسدي فقال لعابس : رحمك الله ، قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك. ثمّ قال : وأنا والله الذي لا إله إلّا هو على مثل ما هذا عليه. ثم جلس.
ثمّ قام سعيد الحنفي التميمي فقال مثلهما وجلس. واستمرّت «الشيعة» تختلف إليه حتّى علم مكانه ، فبلغ ذلك الوالي الأموي الأنصاري ، ولعلّه انتظر خطبة الجمعة ، فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أمّا بعد ؛ فاتّقوا الله ـ عباد الله ـ ولا تسارعوا إلى الفرقة والفتنة فإنّ بهما يهلك الرجال ، وتسفك الدماء ، وتغصب الأموال ... إنّي لا اقاتل من لا يقاتلني ولا أثب على من لا يثب عليّ ، ولا اشاتمكم ولا أتحرّش بكم ، ولا آخذ بالقذف والظنّة والتهمة ، ولكنّكم إن أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم! فو الله الذي لا إله إلّا غيره! لأضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن لي منكم ناصر! أما إنّي لأرجو أن يكون من يعرف الحقّ (!) منكم أكثر ممّن يرديه الباطل!
وكان بعض الحضرميّين حلفاء لبني اميّة منهم عبد الله بن مسلم الحضرمي ، وكان حاضرا فقام وقال :
إنّه لا يصلح ما ترى (من حركة الشيعة) إلّا الغشم (الظلم!) إنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك ؛ رأي المستضعفين!
فقال النعمان : لئن أكون من المستضعفين في طاعة الله! أحبّ إليّ من أن أكون من الأعزّين في معصية الله! ثمّ نزل.
فكتب عبد الله الحضرمي إلى يزيد : أمّا بعد ؛ فإنّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته «الشيعة» للحسين بن علي! فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويّا ينفّذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك! فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعّف!