إجماعاتهم المحكيّة وجوب إزالة النجاسة عن بدن الميّت (أوّلا) ثمّ الشروع في تغسيله ، فتكون حينئذ واجبا تعبّديّا لا شرطيّا.
لكنّ التأمّل في كلماتهم في هذا الباب ككلماتهم في باب الجنابة يعطي عدم ظهورها إلّا في إرادة عدم الاجتزاء بصبّة واحدة للغسل والإزالة ، ووجوب تقديم الإزالة على الغسل في الجملة ولو في كلّ عضو بالنظر إلى نفس ذلك العضو لا مطلقا.
ويشهد لذلك استدلال بعضهم عليه ـ كما عن المعتبر (١) وغيره (٢) ـ بأنّ المراد تطهيره ، وهو لا يحصل إلّا بها ، وأنّه إذا وجب إزالة الحكميّة فالعينيّة أولى ، ولئلّا ينجس ماء الغسل بملاقاة النجس.
وأنت خبير بأنّ مقتضى التعليل الأوّل والأخير هو الوجوب الشرطي ، ومقتضاه ما عرفت.
وأمّا الثاني : فمقتضاه الوجوب النفسي ، فلا يقتضي المقارنة أيضا فضلا عن وجوب التقدّم ، فلذا يضعف الاستدلال به للمدّعى ، كما أنّ الاستدلال بالأوّلين أيضا كذلك ، فإنّ توقّف الطهارة على سبق إزالة النجاسة ـ كما هو مقتضى الدليل الأوّل ـ أوّل الكلام ، إذ من الجائز أن يرتفع الحدث وعين النجاسة فضلا عن أثرها بصبّة واحدة ، إلّا أن يثبت الاشتراط بدليل خارجيّ ، كما عرفت تحقيقه في مبحث الجنابة.
وأمّا الدليل الثالث : فمرجعه إلى دعوى التنافي بين الاجتزاء بصبّة واحدة
__________________
(١) الحاكي عنه هو البحراني في الحدائق الناضرة ٣ : ٣٤٣ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢٦٤.
(٢) انظر : الذكرى ١ : ٣٤٣.