عدم وجوب الوضوء أو لغيره من دواعي الإجمال.
وكيف كان فظاهرها أنّ المراد بقوله عليهالسلام : «ثمّ يغسل وجهه بالسدر» أمر آخر خارج من الأغسال الثلاثة ، كغسل المرفقين يأتي به أمام الغسل ، كما يدلّ عليه رواية (١) يونس بالتقريب المتقدّم ، وحيث يتعذّر حمله على الوجوب ـ حيث لم يتعرّض لبيانه في جملة من الأخبار البيانيّة مع مخالفته للإجماع ـ يتعيّن حمله على الاستحباب ، كغسل اليدين.
فبما ذكرنا ظهر لك ما في كلام صاحب الحدائق معترضا على ما نقله من جمع من الأصحاب ـ من أنّه يستحبّ أمام الغسلة الاولى أن يغسل رأسه برغوة السدر ـ بقوله : ولم أقف له على مستند في الأخبار. وغسل الرأس ـ المذكور فيها ـ برغوة السدر ـ كما تضمّنه خبر يونس وعبارة كتاب الفقه الرضوي ـ أو بماء السدر ـ كما في غيرها ـ إنّما هو الغسل الواجب (٢). انتهى ، فإنّك قد عرفت أنّ ظاهر الصحيحة المتقدّمة إنّما هو كون غسل الرأس قبل الأغسال الثلاثة.
وأمّا رواية يونس وكذا عبارة الفقه الرضوي ـ التي هي بمضمونها على ما حكاها في الحدائق (٣) ـ فهي مصرّحة بغسل الرأس بالرغوة أمام الغسل.
ودعوى أنّ المراد به هو الغسل الواجب قد عرفت ما فيها بما لا مزيد عليه ، فلا ينبغي الاستشكال في استحباب غسل وجهه ورأسه بالسدر أو برغوته أمام الغسل.
وكيف كان فالذي يفهم من مجموع الروايات على ما يقتضيه الجمع
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدرها في ص ١٧٥ ، الهامش (١).
(٢) الحدائق الناضرة ٣ : ٤٥٩.
(٣) الحدائق الناضرة ٣ : ٤٥٩.