المقبول بينها ـ بعد ردّ متشابهها إلى محكمها وصرف ظاهرها إلى ما هو الأظهر ـ إنّما هو وجوب أغسال ثلاثة ـ على وجه يتحقّق في كلّ غسل مسمّاه من غسل جميع البدن مرّة واحدة مرتّبا بين الأعضاء بتقديم الرأس على الجانبين والأيمن على الأيسر ـ أوّلها بماء فيه شيء من السدر على النحو المتعارف في استعمال السدر بأن يمتزج في الماء ، ويكون اسمه باقيا بعد المزج بحيث ينصرف إليه الذهن عند إطلاق ماء السدر بأن لا يكون سدرة مستهلكا ، لقلّته ، أو أجنبيّا عن الماء بأن كان أوراقا غير مطحونة ولا ممروسة متمايزة بعضها عن بعض ، كما أنّه يشترط أن لا تكون إضافته على وجه يخرج الماء به من صفة الإطلاق كي لا يطلق عليه أنّه ماء فيه شيء من السدر أو ينصرف عنه على تقدير الصدق ، وثانيها بماء فيه شيء من الكافور على وجه يطلق عليه عرفا اسم ماء الكافور ، وثالثها بالماء القراح.
وأمّا ما عدا ما عرفت من الأمور التي تضمّنها الأخبار ـ مثل غسل اليدين والفرج ، وتثليث الغسلات ، ونحوها ـ فهي من السنن والآداب بلا شكّ وارتياب ، فإنّك إذا تأمّلت في الأخبار على تظافرها وتكاثرها ، لوجدت ما وصفناه أوّلا بمنزلة القطب الذي يدور مداره الأخبار المتشتّتة على اختلافها ، فيفهم من ذلك عدم كون ما عداها ـ ممّا اختلف فيه الأخبار من حيث التعرّض والعدم ، مع كون الجميع واردا في مقام البيان ـ من الأركان بحيث يكون تركها مفسدا للغسل ، بل هو من السنن والآداب ، كما لا ينافيه سياق جلّ تلك الأخبار المشعرة بعدم إرادة بيان خصوص الأجزاء الواجبة ، ولو لا موافقة جميع ما استفدناه من الأخبار لما عليه جلّ الأصحاب بل كلّهم عدا من شذّ وندر ، لأطنبت الكلام في إثبات كلّ