الشاعر بين اللغتين في قوله : [الخفيف]
١٣٩١ ـ ليس من مات فاستراح بميت |
|
إنّما الميت ميّت الأحياء |
إنّما الميت من يعيش كئيبا |
|
كاسفا باله قليل الرّجاء (١) |
وزعم بعضهم أن «ميتا» بالتخفيف ـ لمن وقع به الموت ، وأن المشدّد يستعمل فيمن مات ومن لم يمت ، كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] ، وهذا مردود بما تقدم من قراءة الأخوين ، وحفص ؛ حيث خففوا في موضع لا يمكن أن يراد به الموت ، وهو قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) [الأنعام : ١٢٢] ؛ إذ المراد الكفر ـ مجازا ـ هذا بالنسبة إلى القراء ، وإن شئت ضبطته باعتبار لفظ «الميت» فقلت : هذا اللفظ بالنسبة إلى قراءة السبعة ثلاثة أقسام :
اسم لا خلاف في تثقيله ـ وهو ما لم يمت ـ نحو : (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) [إبراهيم : ١٧] ، و (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠].
وقسم لا خلاف في تخفيفه ـ وهو ما تقدم في قوله : (الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) و (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً) [الأنعام : ١٣٩](إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ،) وقوله : (فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) [الزخرف : ١١].
وقسم فيه الخلاف ـ وهو ما عدا ذلك ـ وتقدم تفصيله وقد تقدم أيضا أن أصل «ميّت» ميوت ، فأدغم ، وفي وزنه خلاف ، هل وزنه «فيعل» ـ وهو مذهب البصريين ـ أو «فعيل» ـ وهو مذهب الكوفيين ـ وأصله مويت ، قالوا : لأن فيعلا مفقود في الصحيح ؛ فالمعتل أولى أن لا يوجد فيه ، وأجاب البصريون عن قولهم : لا نظير له في الصحيح بأن قضاة ـ في جميع قاض ـ لا نظير له في الصحيح ، وتفسير هذا الجواب : أنا لا نسلم أن المعتل يلزم أن يكون له نظير في الصحيح ، ويدل على عدم التلازم «قضاة» جمع قاض وفي «قضاة» خلاف طويل ليس هذا موضعه.
واعترض عليهم البصريون بأنه لو كان وزنه «فعيلا» لوجب أن يصح ، كما صحت نظائره من ذوات الواو نحو : طويل ، وعويل ، وقويم ، فحيث اعتل بالقلب والإدغام امتنع أن يدّعى أن أصله «فعيل» لمخالفة نظائره ، وهو ردّ حسن.
فصل
قال ابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة : يخرج الحيوان من النطفة ـ
__________________
(١) البيتان لعدي بن الرعلاء ينظر المنصف ٢ / ١٧ ، ٣ / ٦٢ وأمالي الشجري ١ / ١٥٢ والأصمعيات ١٥٢ وابن يعيش ١٠ / ٦٩ والأشموني ٢ / ١٦٩ ومعاني الأخفش ١ / ١٥٥ والبيان ١ / ١٩٨ وشرح شواهد المغني ١ / ٤٠٥ و ٢ / ٨٥٨ والاشتقاق ص ٥١ واللسان (موت) والنكت والعيون (١ / ٣١٧) والدر المصون ٢ / ٥٧.