وقول الآخر : [الوافر]
١٣٩٥ ـ ولاح بجانب الجبلين منه |
|
ركام يحفر الأرض احتفارا (١) |
وهذا عكس الآية ؛ إذ جاء المصدر مزادا فيه ، والفعل الناصب له مجرّد من تلك الزوائد ، ومن مجيء المصدر على غير المصدر قوله تعالى : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً).
وقول الآخر : [الرجز أو السريع]
١٣٩٦ ـ وقد تطوّيت انطواء الحضب (٢)
والأصل : تطوّيّا ، والأصل في «تقاة» وقية مصدر على فعل من الوقاية. وقد تقدم تفسير هذه المادة ، ثم أبدلت الواو تاء مثل تخمة وتكأة وتجاه ، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا ، فصار اللفظ «تقاة» كما ترى بوزن «فعلة» ومجيء المصدر على «فعل» و «فعلة» قليل ، نحو : التخمة ، والتؤدة ، والتهمة والتكأة ، وانضم إلى ذلك كونها جاءت على غير المصدر ، والكثير مجيء المصادر جارية على أفعالها.
قيل : وحسّن مجيء هذا المصدر ثلاثيا كون فعله قد حذفت زوائده في كثير من كلامهم ، نحو : تقى يتقى.
ومنه قوله : [الطويل]
١٣٩٧ ـ ............ |
|
تق الله فينا والكتاب الّذي تتلو (٣) |
وقد تقدم تحقيق ذلك أول البقرة.
الثاني : أنها منصوبة على المفعول به ، وذلك على أن «تتّقوا» بمعنى تخافوا ، وتكون «تقاة» مصدرا واقعا موقع المفعول به ، وهو ظاهر قول الزمخشريّ ، فإنه قال : «إلا أن تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتقاؤه».
وقرىء «تقيّة» (٤) وقيل ـ للمتقى ـ : تقاة ، وتقية ، كقولهم : ضرب الأمير ـ لمضروبه فصار تقدير الكلام : إلا أن تخافوا منهم أمرا متّقى.
__________________
(١) ينظر البيت في البحر المحيط ٢ / ٤٢٢ وارتشاف الضرب ٢ / ٢٠٣ والدر المصون ٢ / ٦٠.
(٢) البيت لرؤبة. ينظر ديوانه (١٦) والكتاب ٤ / ٨٢ والمخصص ٨ / ١١٠ وابن يعيش ١ / ١١٢ والهمع ١ / ١٨٧ وابن الشجري ٢ / ١٤١ وإعراب القرآن للنحاس ١ / ٣٧١ واللسان (حضب) والدرر اللوامع ١ / ١٦٠ والدر المصون ٢ / ٦٠.
(٣) تقدم برقم ٢٩٨.
(٤) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٤١٩ ، وقال ابن عطية : «وقرأ ابن عباس والحسن وحميد بن قيس ، ويعقوب الحضرمي ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وأبو رجاء ، والجحدري وأبو حيوة «تقيّة» بفتح التاء وشد الياء على وزن فعيلة ، وكذلك روى المفضل عن عاصم ..». وانظر : البحر المحيط ٢ / ٤٤٣ ، والدر المصون ٢ / ٦١.