من ذلك تقييد قدرته بزمان ؛ لأنه إذا قدر في ذلك اليوم الذي يسلب فيه كلّ أحد قدرته ، فلأن يقدر في غيره بطريق الأولى. وإلى هذا ذهب أبو بكر ابن الأنباري.
الثاني : أنه منصوب ب «يحذّركم» ، أي : يخوفكم عقابه في ذلك اليوم ، وإلى هذا نحا أبو إسحاق ، ورجحه.
ولا يجوز أن ينتصب ب «يحذّركم» المتأخرة.
قال ابن الأنباري : «لا يجوز أن يكون اليوم منصوبا ب «يحذّركم» المذكور في هذه الآية ؛ لأن واو النسق لا يعمل ما بعدها فيما قبلها».
وعلى ما ذكره أبو إسحاق يكون ما بين الظرف وناصبه معترضا ، وهو كلام طويل ، والفصل بمثله مستبعد ، هذا من جهة الصناعة ، وأما من جهة المعنى ، فلا يصح ؛ لأن التخويف لم يقع في ذلك اليوم ؛ لأنه ليس زمان تكليف ؛ لأن التخويف موجود ، واليوم موعود ، فكيف يتلاقيان؟
قال : أن يكون منصوبا بالمصير ، والتقدير : وإلى الله المصير يوم تجد ، وإليه نحا الزّجّاج ـ أيضا ـ وابن الأنباري ومكيّ ، وغيرهم ، وهذا ضعيف على قواعد البصريين ؛ للزوم الفصل بين المصدر ومعموله بكلام طويل.
وقد يقال : إن جمل الاعتراض لا يبالى بها في الفصل ، وهذا من ذاك.
الرابع : أن يكون منصوبا ب «اذكر» مقدرا ، فيكون مفعولا به لا ظرفا ، وقدر الطبريّ الناصب له «اتّقوا» ، وفي التقدير ما فيه من كونه على خلاف الأصل ، مع الاستغناء عنه.
الخامس : أن العامل فيه ذلك المضاف المقدر قبل «نفسه» ، أي : يحذركم الله عقاب نفسه يوم تجد ، فالعامل فيه «عقاب» لا «يحذركم» قاله أبو البقاء ، وفي قوله : «لا يحذّركم» فرار عما أورد على أبي إسحاق كما تقدم.
السادس : أنه منصوب ب «تودّ».
قال الزمخشريّ : «يوم تجد» منصوب ب «تودّ» والضمير في «بينه» لليوم ، أي : يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها تتمنى لو أن بينها ، وبين ذلك اليوم ، وهوله أمدا بعيدا».
وهذا ظاهر حسن ، ولكن في هذه المسألة خلاف ضعيف ؛ جمهور البصريين والكوفيين على جوازها ، وذهب الأخفش الفرّاء إلى منعها.
وضابط هذه المسألة أنه إذا كان الفاعل ضميرا عائدا إلى شيء متّصل بمعمول الفعل نحو : ثوبي أخويك يلبسان ، فالفاعل هو الألف ، وهو ضمير عائد على «أخويك» المتصلين بمفعول «يلبسان» ومثله : غلام هند ضربت ، ففاعل «ضربت» ضمير عائد على «هند» المتصلة ب «غلام» المنصوب ب «ضربت» والآية من هذا القبيل ؛ فإن فاعل «تودّ»