والجواب : قال أبو عبيدة : هو سيّد المجالس ومقدّمها وأشرفها ، وكذلك هو من المسجد.
وقال أبو عمرو بن العلاء : هو القصر ؛ لعلوّه وشرفه.
وقال الأصمعيّ : هو الغرفة.
وأنشد لامرىء القيس : [الطويل]
١٤٢١ ـ وماذا عليه أنّ ذكرت أو أنسا |
|
كغزلان رمل في محاريب أقيال (١) |
قالوا معناه : في غرف أقيال. وأنشد غيره ـ لعمر بن أبي ربيعة : [السريع]
١٤٢٢ ـ ربّة محراب إذا ما جئتها |
|
لم أدن حتّى أرتقي سلّما (٢) |
وقيل : هو المحراب من المسجد المعهود ، وهو الأليق بالآية.
وقد ذكرناه عمن تقدم فإنما يعنون به : المحراب من حيث هو ، وأما في هذه الآية فلا يظهر بينهم خلاف في أنه المحراب المتعارف عليه. واستدل الأصمعيّ على أن المحراب هو الغرفة بقوله تعالى : (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) والتسوّر لا يكون إلا من علو. يروى أنها لما صارت شابة بنى زكريا ـ عليهالسلام ـ لها غرفة في المسجد ، وجعل بابها في وسطها ، لا يصعد إليها إلا بسلّم ، ويقال للمسجد ـ أيضا ـ المحراب.
قال المبرد : «لا يكون المحراب : إلا أن يرتقى إليه بدرج».
واشتقاقه من الحرب ؛ لتحارب الناس عليه.
قال ابن ذكوان ـ عن ابن عامر ـ «المحراب» في هذه السورة ـ موضعين ـ بلا خلاف ؛ لكونه أن فيه سبب الإمالة ، وذلك أن الألف تقدمها كسرة ، وتأخرت عنها كسرة أخرى ، فقوى داعي الإمالة ، وهذا بخلاف المحراب غير المجرور فإنه نقل عن ابن ذكوان فيه الوجهان : الإمالة وعدمها ، نحو قوله : (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) [ص : ٢١] فوجه الإمالة تقدم الكسرة ، ووجه التّفخيم أنه الأصل.
قوله : (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) «وجد» هذه بمعنى أصاب ولقي وصادف ، فيتعدى لواحد وهو «رزقا» و «عندها» الظاهر أنه ظرف للوجدان.
وأجاز أبو البقاء أن يكون حالا من «رزقا» ؛ لأنه يصلح أن يكون صفة له في الأصل ، وعلى هذا فيتعلق بمحذوف ، ف «وجد» هو الناصب ل «كلّما» لأنها ظرفية ، وأبو البقاء سمّاه جوابها ؛ لأنها عنده الشرط كما سيأتي.
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه (٣٤) واللسان (حرب) والبحر ٢ / ٤٥١ ، والدر المصون ٢ / ٧٨.
(٢) البيت لوضاح اليمن لا كما قال المصنف ينظر معاني القرآن للزجاج ١ / ٤٦ واللسان (حرب) والجمهرة ١ / ٢١٩ ومجاز القرآن ٢ / ١٤٤ و ١٨٠ ومجمع البيان ٢ / ٦٨ والاشتقاق ص ٧٥ والتاج ١ / ٢٠٦ والدر المصون ٢ / ٧٨.