بعضهم خبر مبتدأ محذوف ـ أي : هو عيسى.
ويجوز على هذا الوجه وجه رابع ، وهو النّصب بإضمار أعني ؛ لأن كل ما جاز قطعه رفعا جاز قطعه نصبا ، والألف واللام في المسيح للغلبة كهي في الصعق والعيّوق وفيه وجهان :
أحدهما : أنه فعيل بمعنى فاعل ، فحوّل منه مبالغة.
قيل : لأنه يمسح الأرض بالسياحة ، أي : يقطعها ومنه : مسح القسام الأرض وعلى هذا المعنى يجوز أن يقال لعيسى : مسّيح ـ بالتشديد ـ على المبالغة ، كما يقال : رجل شريب.
وقيل : لأنه يمسح ذا العاهة فيبرأ ـ قاله ابن عباس.
وقيل : كان يمسح رأس اليتيم (١).
وقيل : يلبس المسح فسمي بما يئوب إليه.
وقيل : إنه فعيل بمعنى مفعول ؛ لأنه مسح بالبركة (٢).
وقيل لأنه مسح من الأوزار والآثام (٣) ، أو لأنه مسيح القدم لا أخمص له (٤).
قال الشاعر : [الرجز]
١٤٦٠ ـ بات يقاسيها غلام كالزّلم |
|
مدملج السّاقين ممسوح القدم (٥) |
أو لمسح وجهه بالملاحة ، قال : [الطويل]
١٤٦١ ـ على وجه ميّ مسحة من ملاحة |
|
.......... (٦) |
أو لأنه كان ممسوحا بدهن طاهر مبارك ، تمسح به الأنبياء ، ولا يمسح به غيرهم ، قالوا : وهذا الدهن من مسح به وقت الولادة فإنه يكون نبيّا ، أو لأنه مسحه جبريل بجناحه
__________________
(١) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (٨ / ٤٤).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤١٤) عن سعيد بن جبير.
(٣) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (٨ / ٤٤).
(٤) انظر المصدر السابق.
(٥) البيت لشريح بن شرحبيل ونسب للأغلب العجلي ونسب للأخفش بن شهاب ونسب لرشيد بن رميض ينظر تفسير الطبري ٩ / ٤٧٣ وزاد المسير ٢ / ٢٧١ والصحاح ٥ / ١٩٤٣ والبحر المحيط ٢ / ٤٦٠ وتاج العروس ٨ / ٣٢٧ والدر المصون ٢ / ٩٤.
(٦) صدر بيت لذي الرمة وعجزه :
وتحت الثياب الخزي إن كان باديا
ينظر ديوانه ٣ / ١٩٢١ والخزانة ١ / ٥٢ والأغاني ١٦ / ١٢٠ وأمالي الزجاجي (٥٧) والشعر والشعراء ١ / ٥٣٤ والتهذيب ٤ / ٣٤٩ ومعاهد التنصيص ٣ / ٢٦١ والدر المصون ٢ / ٩٤.