أي مجموع كيف أصبحت ، وكيف أمسيت.
فكما جاز تعدّد المبتدأ لفظا ـ من غير عاطف ـ والمعنى على المجموع ، فكذلك في الخبر.
وقد أنشدوا عليه أبياتا كقوله : [الرجز]
١٤٦٤ ـ من يك ذا بتّ فهذا بتّي |
|
مقيّظ ، مصيّف ، مشتّي (١) |
وقد زعم بعضهم أن «المسيح» ليس باسم لقب له ، بل هو صفة كالضّارب والظريف ، قال : وعلى هذا ففي الكلام تقديم وتأخير ؛ إذ «المسيح» صفة ل «عيسى» والتقدير : اسمه عيسى المسيح». وهذا لا يجوز أعني : تقديم الصفة على الموصوف ـ لكنه يعني : أنه صفة له في الأصل ، والعرب إذا قدّمت ما هو صفة في الأصل جعلوه مبينا على العامل قبله ، وجعلوا الموصوف بدلا من صفته في الأصل ، نحو قوله : [الرجز]
١٤٦٥ ـ وبالطّويل العمر عمرا حيدرا |
|
.......... (٢) |
الأصل : وبالعمر الطويل ، هذا في المعارف ، وأما في النّكرات ، فينصبون الصفة حالا.
وقال أبو حيّان : «ولا يصح أن يكون «المسيح» ـ في هذا التّركيب ـ صفة ؛ لأن المخبر به ـ على هذا لفظ «عيسى» والمسيح من صفة المدلول ، لا من صفة الدّالّ ؛ إذ لفظ «عيسى» ليس المسيح».
ومن قال : إنهما اسمان ، قال : تقدّم المسيح على عيسى ؛ لشهرته.
قال ابن الأنباريّ : وإنما بدأ بلقبه ؛ لأن المسيح أشهر من عيسى ؛ لأنه قلّ أن يقع على سميّ ، فيشتبه به ، وعيسى قد يقع على عدد كثير ، فقدّمه لشهرته ، ألا ترى أن ألقاب الخلفاء أشهر من أسمائهم ، فهذا يدل على أن المسيح عند ابن الأنباري لقب ، لا اسم.
قال أبو إسحاق : «عيسى معرب من أيسوع ، وإن جعلته عربيا لم ينصرف في معرفة ولا نكرة ؛ لأن فيه ألف التأنيث ، ويكون مشتقا من عاسه يعوسه : إذا ساسه وقام عليه».
قال الزمخشريّ : «ومشتقّهما ـ يعني المسيح وعيسى ـ من المسح والعيس كالراقم على الماء» ، وقد تقدم الكلام على عيسى ومريم واشتقاقهما في سورة البقرة (٣).
وقوله : (وَجِيهاً) حال ، وكذلك قوله : (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) وقوله : (وَيُكَلِّمُ) وقوله : (مِنَ الصَّالِحِينَ) هذه أربعة أحوال انتصبت عن قوله : «بكلمة». وإنما ذكّر الحال ؛ حملا
__________________
(١) البيت لرؤبة ينظر ديوانه ص ١٨٩ والدرر ١ / ٨ ، والأشموني ١ / ٢٢٢ والكتاب ٢ / ٤. وابن يعيش ١ / ٩٩ والهمع ١ / ١٠٨ ومجاز القرآن ٢ / ٢٤٧ والإنصاف ٢ / ٧٢٥ والجمهرة ١ / ٢٢ والدر المصون ٢ / ٩٥.
(٢) تقدم.
(٣) آية ٨٧.