خبر (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ ،) والتقدير : قل إنّ هدى الله أن يؤتى أحد ، أي إن هدى الله آتيا أحدا مثل ما أوتيتم ، ويكون «أو» بمعنى «حتى» ، والمعنى : حتى يحاجوكم عند ربكم ، فيغلبوكم ويدحضوا حجّتكم عند الله ، ولا يكون (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) معطوفا على (أَنْ يُؤْتى) وداخلا في خبر إن.
الوجه السادس : أن يكون (أَنْ يُؤْتى) بدلا من (هُدَى اللهِ) ويكون المعنى : قل بأن الهدى هدى الله ، وهو أن يؤتى أحد كالذي جاءنا نحن ، ويكون قوله : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) بمعنى فليحاجوكم ، فإنهم يغلبونكم ، قال ابن عطية : وفيه نظر ؛ لأن يؤدي إلى حذف حرف [النهي](١) وإبقاء عمله.
الوجه السابع : أن تكون «لا» النافية مقدّرة قبل (أَنْ يُؤْتى) فحذفت ؛ لدلالة الكلام عليها ، وتكون «أو» بمعنى «إلّا أن» والتقدير : ولا تؤمنوا لأحد بشيء إلا لمن تبع دينكم بانتفاء أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم ، وجاء بمثله ، فإن ذلك لا يؤتى به غيركم إلا أن يحاجوكم ، كقولك : لألزمنك أو تقضيني حقي.
وفيه ضعف من حيث حذف «لا» النافية ، وما ذكروه من دلالة الكلام عليها غير ظاهر.
الوجه الثامن : أن يكون (أَنْ يُؤْتى) مفعولا من أجله ، وتحرير هذا القول أن يجعل قوله: (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ) ليس داخلا تحت قوله : «قل» بل هو من تمام قول الطائفة ، متصل بقوله : ولا تؤمنوا إلا لمن جاء بمثل دينكم مخافة أن يؤتى أحد من النّبوّة والكرامة مثل ما أوتيتم ، ومخافة أن يحاجّوكم بتصديقكم إياهم عند ربكم إذا لم تستمروا عليه ، وهذا القول منهم ثمرة حسدهم وكفرهم ـ مع معرفتهم بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم.
ولما قدر المبرد المفعول من أجله ـ هنا ـ قدر المضاف : كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، أي : مما خالف دين الإسلام ؛ لأن الله لا يهدي من هو كاذب كفّار ، فهدى الله بعيد من غير المؤمنين والخطاب في (أُوتِيتُمْ) و (يُحاجُّوكُمْ) لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم.
واستضعف بعضهم هذا ، وقال : كونه مفعولا من أجله ـ على تقدير : كراهة ـ يحتاج إلى تقدير عامل فيه ويصعب تقديره ؛ إذ قبله جملة لا يظهر تعليل النسبة فيها ، بكراهة الإيتاء المذكور.
الوجه التاسع : أن «أن» المفتوحة تأتي للنفي ـ كما تأتي «لا» ، نقله بعضهم أيضا عن الفراء ، وجعل «أو» بمعنى «إلا» ، والتقدير : لا يؤتى أحد ما أوتيتم إلا أن يحاجّوكم ، فإن إيتاءه ما أوتيتم مقرون بمغالبتكم أو محاجتكم عند ربكم ؛ لأن من آتاه الله الوحي لا بدّ أن يحاجهم عند ربهم ـ في كونهم لا يتبعونه ـ فقوله : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) حال لازمة من
__________________
(١) في ب : الأمر.