المضارعة ، وكذلك ابن مسعود والأشهب والعقيلي ، إلا أنهما أبدلا الهمزة ياء.
وجعل ابن عطية ذلك لغة قريش ، وغلّطه أبو حيّان وقد تقدّم الكلام في كسر حرف المضارعة ، وشرطه في الفاتحة (١) يقال : أمنته بكذا ، وعلى كذا ، فالباء للإلصاق بالأمانة ، و «على» بمعنى استيلاء المودع على الأمانة.
وقيل : معنى : أمنته بكذا ، وثقت به فيه ، وأمنته عليه : جعلته أمينا عليه.
والقنطار والدينار : المراد بهما العدد الكثير ، والعدد القليل ، يعني : أن فيهم من هو في غاية الأمانة ، حتى أنه لو ائتمن على الأموال الكثيرة أدّى الأمانة فيها ، ومنهم من هو في غاية الخيانة ، حتى لو ائتمن على الشيء القليل فإنه يخون فيه.
واختلف في القنطار ، فقيل : ألف ومائتان أوقية ؛ لأن الآية نزلت في عبد الله بن سلام ، حين استودعه رجل من قريش ألفا ومائتي أوقية من الذهب ، فردّه ، ولم يخن فيه (٢).
وروي عن ابن عباس أنه ملء جلد ثور من المال.
وقيل : ألف ألف دينار ، أو ألف ألف درهم ـ وقد تقدم ـ.
والدينار : أصله : دنّار ـ بنونين ـ فاستثقل توالي مثلين ، فأبدلوا أولهما حرف علة ، تخفيفا ؛ لكثرة دوره في لسانهم ، ويدل على ذلك ردّه إلى النونين ـ تكسيرا وتصغيرا ـ في قولهم : دنانير ودنينير.
ومثله قيراط ، أصله : قرّاط ، بدليل قراريط وقريريط ، كما قالوا : تظنّيت ، وقصّصت أظفاري ، يريدون : تظنّنت وقصّصت ـ بثلاث نونات وثلاث صادات ـ والدّينار معرّب ، قالوا : ولم يختلف وزنه أصلا وهو أربعة وعشرون قيراطا ، كل قيراط ثلاث شعيرات معتدلات ، فالمجموع اثنان وسبعون شعيرة.
وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم «يؤدّه» بسكون الهاء في الحرفين.
وقرأ قالون «يؤدّه» بكسر الهاء من دون صلة ، والباقون بكسرها موصولة بياء (٣) ، وعن هشام وجهان :
أحدهما : كقالون ، والآخر كالجماعة.
أما قراءة أبي عمرو ومن معه فقد خرّجوها على أوجه ، أحسنها أنه سكنت هاء الضمير ، إجراء للوصل مجرى الوقف وهو باب واسع مضى منه شيء ـ نحو : (يَتَسَنَّهْ) [البقرة : ٢٥٩] و (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] وسيأتي منه أشياء إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ينظر كلامه عند آية (٥) من سورة الفاتحة.
(٢) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (٨ / ٨٨ ـ ٨٩).
(٣) ينظر : السبعة ٢٠٧ ، والكشف ١ / ٣٤٩ ، وحجة القراءات ١٦٦ ، ١٦٧ ، وإعراب القراءات ١١٤ ـ ١١٦ ، والعنوان ٨٠ ، وإتحاف ١ / ٤٨٢.