وأنشد ابن مجاهد على ذلك : [البسيط]
١٥١٦ ـ وأشرب الماء ما بي نحوه عطش |
|
إلّا لأنّ عيونه سيل واديها (١) |
وأنشد الأخفش : [الطويل]
١٥١٧ ـ فبتّ لدى البيت العتيق أخيله |
|
ومطواي مشتاقان له أرقان (٢) |
إلا أن هذا يخصّه بعضهم بضرورة الشعر ، وليس كما قال ، لما سيأتي.
وقد طعن بعضهم على هذه القراءة ، فقال الزّجّاج : هذا الإسكان الذي روي عن هؤلاء غلط بيّن ؛ وأن الفاء لا ينبغي أن تجزم ، وإذا لم تجزم فلا تسكن في الوصل ، وأما أبو عمرو فأراه كان يختلس الكسرة ، فغلط عليه كما غلط عليه في «باريكم». وقد حكى عنه سيبويه ـ وهو ضابط لمثل هذا ـ أنه كان يكسر كسرا خفيا ، يعني يكسر في «بارئكم» كسرا خفيّا ، فظنه الراوي سكونا.
قال شهاب الدين : وهذا الرد من الزجّاج ليس بشيء لوجوه :
منها : أنه فرّ من السكون إلى الاختلاس ، والذي نصّ على أن السكون لا يجوز نص على أنّ الاختلاس ـ أيضا ـ لا يجوز إلا في ضرورة ، بل جعل الإسكان في الضرورة أحسن منه في الاختلاس ، قال : ليجرى الوصل مجرى الوقف إجراء كاملا ، وجعل قوله :
[البسيط]
١٥١٨ ـ ........... |
|
إلّا لأن عيونه سيل واديها (٣) |
أحسن من قوله : [البسيط]
١٥١٩ ـ ........... |
|
ما حجّ ربّه في الدّنيا ولا اعتمرا (٤) |
حيث سكن الأول ، واختلس الثاني.
__________________
(١) ينظر خزانة الأدب ٥ / ٢٧٠ ، ٦ / ٤٥٠ ، والخصائص ١ / ١٢٨ ، ٣١٧ ، ٢ / ١٨ ، والدرر ١ / ١٨٢ ، ورصف المباني ص ١٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ ، ولسان العرب (ها) ، والمحتسب ١ / ٢٤٤ ، والمقرب ٢ / ٢٠٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٩ ، والدر المصون ٢ / ١٤٠.
(٢) البيت ليعلى بن الأحول الأزدي ينظر خزانة الأدب ٥ / ٢٦٩ ، ٢٧٥ ، ولسان العرب (مطا) ٤٧٧٢ (ها) ، والخصائص (١ / ١٢٨ ، ٣٧٠) ، ورصف المباني ص ١٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ ، والمحتسب ١ / ٢٤٤ ، والمقتضب ١ / ٢٣٩ ، ٢٦٧ ، والمنصف ٣ / ٨٤. والدر المصون ٢ / ١٤٠.
(٣) عجز بيت وصدره :
وأشرب الماء ما بي نحوه عطش
ينظر خزانة الأدب ٥ / ٢٧٠ ، ٦ / ٤٥٠ والخصائص ١ / ١٢٨ ، ٣١٧ ، ٢ / ١٨ والدرر ١ / ١٨٢ ورصف المباني ص ١٦ وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ واللسان (ها) والمحتسب ١ / ٢٤٤ والمقرب ٢ / ٢٠٥ وهمع الهوامع ١ / ٥٩.
(٤) تقدم برقم ٤١٢.