يقولون : ربنا لا تزغ قلوبنا وحذف يقولون ؛ لدلالة الأول عليه ، كما في قوله : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) [آل عمران : ١٩١].
قال القرطبيّ : ويجوز أن يكون المعنى : قل يا محمد.
قوله : (لا تُزِغْ) العامة على ضمّ حرف المضارعة ، من أزاغ يزيغ ، و (قُلُوبُنا) مفعول به ، وقرأ أبو بكر بن فايد وأبو واقد الجراح : «لا تزغ قلوبنا» ـ بفتح التاء (١) ، ورفع «قلوبنا» ، وقرأ بعضهم (٢) كذلك إلا أنه بالياء من تحت ، وعلى القراءتين ، فالقلوب فاعل بالفعل المنهي عنه ، والتذكير والتأنيث باعتبار تأنيث الجمع وتذكيره ، والنهي في اللفظ للقلوب ، وفي المعنى دعاء لله تعالى ـ أي : لا تزغ قلوبنا فتزيغ ، فهو من باب «لا أرينّك ههنا».
وقول النابغة : [البسيط]
١٣٢٩ ـ لا أعرفن ربربا حورا مدامعها |
|
.......... (٣) |
قوله : (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ،) «بعد» منصوب ب «لا تزغ» ، و «إذ» هنا خرجت عن الظرفية ؛ للإضافة إليها وقد تقدم أن تصرفها قليل ، وإذا خرجت عن الظرفية ، فلا يتغير حكمها من لزوم إضافتها إلى الجملة بعدها ، كما لم يتغير غيرها من الظروف في هذا الحكم ، ألا ترى إلى قوله : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ) [المائدة : ١١٩] و (يَوْمَ لا تَمْلِكُ) [الانفطار : ١٩] ـ قراءة من رفع «يوم» في الموضعين ـ.
وقول الآخر : [الطويل]
١٣٣٠ ـ .......... |
|
على حين الكرام قليل (٤) |
وقوله : [الطويل](٥)
١٣٣١ ـ على حين من تلبث عليه ذنوبه |
|
...........(٦) |
__________________
(١) ينظر : الشواذ ١٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٠٤ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٠٣ ، والدر المصون ٢ / ١٦.
(٢) قرأ بها السلمي كما في الشواذ ١٩ ، وينظر السابق.
(٣) هذا صدر البيت وعجزه :
كأن أبكارها نعاج دوار
ينظر : ديوانه ص ٥٥ والكتاب ٣ / ٥١١ ، وشرح الألفية لابن الناظم ص ٦٩٢ ، والمغني ١ / ١٩٩ وشرح شواهده ٢ / ٦٢٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٤٥ ، وشرح الأشموني ٤ / ٠٣ ، والدر المصون ٢ / ١٦.
(٤) البيت لموبال بن جهم ونسب لمبشر بن هذيل الفزاري وهذا جزء بيت وتمامه : ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ... كريم. ينظر : أمالي القالي ١ / ٦٣ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٣٧ ، والهمع ١ / ٢١٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٥٧ ، والدرر اللوامع ١ / ١٨٧ ، والدر المصون ٢ / ١٦.
(٥) في أ : يكتب.
(٦) صدر بيت للبيد بن ربيعة العامري وعجزه : يجد فقدها وفي المقام تدابر ينظر ديوانه ٢١٧ والخزانة ٣ / ـ