قال القرطبيّ : «وقرأ ابن الزبير : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ما أصابهم».
قال ابن الأنباري : «هذه الزيادة تفسير من ابن الزبير ، وكلام من كلامه ، غلط فيه بعض الناقلين ، فألحقه بألفاظ القرآن ، يدل على ذلك أن عثمان بن عفان قرأ (١) : ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ما أصابهم.
فما يشك عاقل في أن عثمان لا يعتد هذه الزيادة من القرآن ؛ إذ لم يكتبها في مصحفه الذي هو إمام المسلمين».
فصل
قال المفسرون : الدعوة إلى الخير ـ أي : إلى الإسلام ـ والأمر بالمعروف ، وهو الترغيب في فعل ما ينبغي ، والنهي عن المنكر هو الترغيب في ترك ما لا ينبغي ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي : العاملون بهذه الأعمال هم المفلحون الفائزون ، وقد تقدم تفسيره.
قال ـ عليهالسلام ـ : «من أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، كان خليفة الله ، وخليفة رسوله ، وخليفة كتابه» (٢) وقال ـ أيضا ـ : «والّذي نفسي بيده ، لتأمرنّ بالمعروف ، ولتنهونّ عن المنكر ، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثمّ لتدعنّه فلا يستجاب لكم» (٣).
قوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ).
قال أكثر المفسرين : هم اليهود والنصارى (٤) ، وقال بعضهم : هم المبتدعة من هذه الأمة(٥).
__________________
(١) نسبها ابن عطية (١ / ٤٨٦) إلى عثمان بن عفان وابن مسعود وابن الزبير ، ثم قال : «فهذا وإن كان لم يثبته في المصحف ففيه إشارة إلى التعرض لما يصيب عقب الأمر والنهي ..».
وانظر : البحر المحيط ٣ / ٢٤.
(٢) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٦ / ٢١٠٤) والديلمي في «مسند الفردوس» كما في «كنز العمال» (٣ / ٧٥) رقم (٥٥٦٤) عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعا.
(٣) أخرجه أحمد (٥ / ٣٩١) والبيهقي (١٠ / ٩٣) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٢ / ٦٢) والبغوي في «تفسيره» (١ / ٣٩٩ ـ ٢ / ٧٨) عن حذيفة بن اليمان مرفوعا.
وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود ، أخرجه أبو داود (٢ / ٥٢٤) كتاب الملاحم ب ١٧ رقم (٤٣٣٦) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٨ / ٢٩٩ ـ ١٣ / ٩٢) وله شاهد آخر عن أبي هريرة أخرجه البزار (٣٣٠٧) والطبراني في «الأوسط» كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ٢٦٦).
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط والبزار وفيه حبان بن علي وهو متروك وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٦٢) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٦٢).