أيضا ، و «من» لابتداء الغاية ، أي : من أجل الغيظ ، ويجوز أن يكون حالا ، أي : مغتاظين». انتهى.
وقوله : و «من» لابتداء الغاية ـ أي : من أجل الغيظ كلام متنافر ؛ لأن التي للابتداء لا تفسّر بمعنى : «من أجل» ، فإنه معنى العلة ، والعلة والابتداء متغايران ، وعلى الجملة ، فالحالية ـ فيهما ـ لا يظهر معناها ، وتقديره الحال ليس تقديرا صناعيّا ؛ لأن التقدير الصناعي إنما يكون بالأكوان المطلقة.
والعضّ : الأزم بالأسنان ، وهو تحامل الأسنان بعضها على بعض ، يقال : عضضت ـ بكسر العين في الماضي ـ أعضّ ـ بالفتح ـ عضّا ، وعضيضا.
قال امرؤ القيس : [الطويل]
١٥٩٢ ـ ........... |
|
كفحل الهجان ينتحي للعضيض (١) |
ويعبر به عن الندم المفرط ـ ومنه : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) [الفرقان : ٢٧] ـ وإن لم يكن ثم عضّ حقيقة.
قال أبو طالب : [الطويل]
١٥٩٣ ـ وقد صالحوا قوما علينا أشحّة |
|
يعضّون غيظا خلفنا بالأنامل (٢) |
جعل الباء زائدة في المفعول ؛ إذ الأصل : يعضون خلفنا الأنامل.
وقال آخر : [المتقارب]
١٥٩٤ ـ قد افنى أنامله أزمه |
|
فأضحى يعضّ عليّ الوظيفا (٣) |
وقال الحارث بن ظالم المري : [الطويل]
١٥٩٥ ـ وأقتل أقواما لئاما أذلّة |
|
يعضّون من غيظ رءوس الأباهم (٤) |
وقال آخر : [البسيط]
١٥٩٦ ـ إذا رأوني ـ أطال الله غيظهم ـ |
|
عضّوا من الغيظ أطراف الأباهيم (٥) |
__________________
(١) هذا عجز بيت وصدره :
له قصريا عير وساقا نعامة
ينظر ديوانه (٧٥) والدر المصون ٢ / ١٩٧.
(٢) ينظر البيت في ديوانه ص ١٠١ والروض الأنف ٢ / ١٣ والسيرة النبوية ١ / ٢٧٢ والمقتضب ٤ / ٩٠ والدر المصون ٢ / ١٩٧.
(٣) البيت لصخر الغي ـ ينظر ديوان الهذليين ٢ / ٧٣ وزاد المسير ٤ / ٣٤٨ وشرح أشعار الهذليين ١ / ٢٩٩ والدر المصون ٢ / ١٩٧.
(٤) ينظر البيت في شواهد الكشاف ٤ / ١٩ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٤ والدر المصون ٢ / ١٩٧.
(٥) البيت للفرزدق ينظر ديوانه ٢ / ٣٥٨ والبحر المحيط ٣ / ٤٤ والتاج ٨ / ٢٠٨ والقرطبي ٤ / ١٨٢ واللسان (بهم) والدر المصون ٢ / ١٩٧.