موضع الجر صفة ل «لثلاثة» أو ل «آلاف».
قوله : (مُنْزَلِينَ) صفة ل «ثلاثة آلاف» ، ويجوز أن يكون حالا من «الملائكة» والأول أظهر. وقرأ ابن عامر «منزّلين» ـ بالتضعيف (١) ـ وكذلك شدد قوله في سورة العنكبوت: (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) إلا أنه هنا ـ اسم مفعول ، وهناك اسم فاعل.
والباقون خفّفوها (٢) وقرأها ابن أبي عبلة ـ هنا ـ منزّلين ـ بالتشديد مكسور الزاي ، مبنيا للفاعل.
وبعضهم قرأه كذلك ، إلا أنه خفف الزاي (٣) ، جعله من أنزل ـ كأكرم ـ والتضعيف والهمزة كلاهما للتعدية ، ففعّل وأفعل بمعنى ، وقد تقدم أن الزمخشري جعل التشديد دالّا على التنجيم وتقدم البحث معه في ذلك وفي القراءتين الأخيرتين يكون المفعول محذوفا ، أي : منزلين النصر على المؤمنين ، والعذاب على الكافرين.
قوله : (بَلى) حرف جواب ، وهو إيجاب للنفي في قوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) وقد تقدم الكلام عليه وجواب الشرط قوله : (يُمْدِدْكُمْ).
والفور : العجلة والسرعة ، ومنه : فارت القدر ، إذا اشتد غليانها وسارع ما فيها إلى الخروج ، والفور مصدر ، يقال : فار يفور فورا ، قال تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) [هود : ٤٠] ، ثم جعلوا هذه اللفظة استعارة في السرعة ، يقال : جاء فلان من فوره وفيه قول الأصوليين الأمر للفور ويعبّر به عن الغضب والحدة ؛ لأن الغضبان يسارع إلى البطش بمن يغضب عليه ، فالفور ـ في الأصل ـ : مصدر ، ثم يعبّر به عن الحالة التي لا ريث فيها ولا تعريج على شيء سواها وقال ابن عباس والحسن وقتادة وأكثر المفسرين : معنى «من فورهم هذا» : من وجههم هذا.
وقال مجاهد والضّحّاك : من غضبهم هذا ؛ لأنهم إنّما رجعوا للحرب يوم أحد من غضبهم ليوم بدر.
قوله : (مُسَوِّمِينَ) كقوله : (مُنْزَلِينَ ،) وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو ، على اسم الفاعل ، والباقون بفتحها على اسم المفعول ، فأما القراءة الأولى ، فيحتمل أن تكون من السوم ـ وهو ترك الماشية ترعى ـ والمعنى : أنهم سوّموا خيلهم ، أي أعطوها سومها من الجري والجولان ، وتركوها كذلك ، كما يفعل من يسيم ماشيته في المرعى.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٢١٥ ، والكشف ١ / ٢٥٥ ، والحجة ٣ / ٧٥ ، وإعراب ١ / ١١٨ ، وحجة القراءات ١٧٢ ، والعنوان ٨٠ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٦٦ ، وشرح شعلة ٣٢١ ، وإتحاف ١ / ٤٨٧.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٥٠٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٤ ، والدر المصون ٢ / ٢٠٥.
(٣) قرأ بها أبو حيوة كما في الشواذ ٢٢ ، وينظر : المحرر الوجيز ١ / ٥٠٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٤ ، والدر المصون ٢ / ٢٠٥ ، ٢٠٦.