جملة مستأنفة في سورة الأنفال ، في قوله : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال : ١٠] ؛ لأنه لما خاطبهم ـ هنا ـ حسن تعجيل بشارتهم بأنه عزيز حكيم ، أي : لا يغالب ، وأن أفعاله كلها متقنة حكمة وصواب ، فالنصر من عنده ، فاستعينوا به ، وتوكلوا عليه ؛ لأن العز والحكم له.
قوله : (لِيَقْطَعَ) في متعلق هذه اللام سبعة أوجه :
أحدها : أنها متعلقة بقوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) قاله الحوفيّ ، وفيه بعد ؛ لطول الفصل.
الثاني : أنها متعلقة بالنصر في قوله : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) والمعنى : أن المقصود من نصركم ، هو أن تقطعوا طرفا من الذين كفروا ، أي : تملكوا طائفة منهم ، وتقتلوا قطعة منهم ، وفي هذا نظر من حيث إنه قد فصل بين المصدر ومتعلقه بأجنبيّ ، وهو الخبر.
الثالث : أنها متعلقة بما تعلّق به الخبر ، وهو قوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ ،) والتقدير : وما النصر إلا كائن ، أو إلا مستقر من عند الله ليقطع.
والرابع : أنها متعلقة بمحذوف ، تقديره : أمدّكم ، أو نصركم ، ليقطع.
الخامس : أنها معطوفة على قوله : (وَلِتَطْمَئِنَ) حذف حرف العطف لفهم المعنى ؛ لأنه إذا كان البعض قريبا من البعض جاز حذف العاطف ، كقوله : (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) وقول السيد لعبده : أكرمتك لتخدمني ، لتعينني ، لتقوم بخدمتي ، فحذف العاطف لقرب البعض من البعض ، فكذا هنا وعلى هذا فتكون الجملة في قوله : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه ، وهو ساقط الاعتبار.
السادس : أنها متعلقة بالجعل قاله ابن عطية.
السابع : أنها متعلقة بقوله : (يُمْدِدْكُمْ) وفيه بعد ؛ للفواصل بينهما.
والطرف : المراد به : جماعة ، وطائفة ، وإنما حسن ذكر الطرف ـ هنا ـ ولم يحسن ذكر الوسط ؛ لأنه لا وصول إلى الوسط إلا بعد الأخذ من الطرف ، وهذا يوافق قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ) [التوبة : ١٢٣] وقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) [الرعد : ٤١].
قوله : (مِنَ الَّذِينَ) يجوز أن يكون متعلّقا بالقطع ، فتكون «من» لابتداء الغاية ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف ، على أنه صفة ل «طرفا» وتكون «من» للتبعيض.
قوله : (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) عطف على «ليقطع».
و «أو» ؛ قيل : على بابها من التفصيل ، أي : ليقطع طرفا من البعض ، ويكبت بعضا آخرين.