أبا بكر ؛ رجاء أن يجد عنده راحة وفرجا ، وقال الأنصاريّ : هلكت ، وذكر القصة ، فقال أبو بكر : ويحك! أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم؟ ثم لقيا عمر ، فقال له مثل ذلك ، فأتيا النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال لهما مثل مقالتهما ، فأنزل الله هذه الآية (١).
الفاحشة ـ هنا ـ نعت محذوف ، تقديره : فعلوا فعلة فاحشة.
وأصل الفحش : القبح الخارج عن الحد ، فقوله : (فاحِشَةً) يعني : قبيحة ، خارجة عما أذن الله فيه.
قال جابر : الفاحشة : الزنا (٢) ؛ لقوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) [النساء : ٦٥] ، وقوله : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) [الإسراء : ٣٢].
قوله : (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ).
قال الزمخشري : «الفاحشة : ما كان فعله كاملا في القبح ، وظلم النفس هو أي ذنب كان ، مما يؤاخذ الإنسان به».
وقيل : الفاحشة : هي الكبيرة ، وظلم النفس هو الصغيرة.
وقيل : الفاحشة ، هي الزنا ، وظلم النفس : هو القبلة واللّمسة والنظرة.
وقال مقاتل والكلبيّ : الفاحشة ما دون الزنا من قبلة أو لمسة ، أو نظرة ، فيما لا يحل (٣).
وقيل : فعلوا فاحشة فعلا ، أو ظلموا أنفسهم قولا.
قوله : (ذَكَرُوا اللهَ) أي : ذكروا وعيد الله وعقابه ، فيكون من باب حذف المضاف.
قال الضحاك : ذكروا العرض الأكبر على الله (٤).
وقال مقاتل والواقديّ : تفكروا أن الله سائلهم (٥).
وقيل : المراد بهذا الذكر : ذكر الله بالثناء والتعظيم والإجلال ؛ لأن من أراد أن يسأل الله تعالى مسألة ، فالواجب أن يقدم على تلك المسألة الثناء على الله تعالى ، فهاهنا لما كان المراد منه : الاستغفار من الذنوب قدّموا عليه الثناء ، ثم اشتغلوا بالاستغفار ، (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) أي : ندموا على فعل ما مضى مع العزم على ترك مثله في
__________________
(١) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (٩ / ٩) عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢١٨) عن جابر وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٣٧) وزاد نسبته لابن المنذر.
وأخرجه الطبري أيضا (٧ / ٢١٨) عن السدي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٣) ذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (٣ / ٦٤) عن مقاتل والكلبي.
(٤) انظر تفسير القرطبي (٤ / ١٣٥) و «تفسير الرازي» (٩ / ٩).
(٥) ينظر المصدر السابق.