قال : نعم ، سمعته يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أصرّ من استغفر ، وإن عاد في اليوم سبعين مرّة» (١).
وقيل : الإصرار : المداومة على الشيء ، وترك الإقلاع عنه ، وتأكيد العزم على ألا يتركه ، من قولهم : صر الدنانير ، إذا ربط عليها ، ومنه : صرّة الدراهم ـ لما يربط منها ـ.
قال الحطيئة : يصف خيلا : [الطويل]
١٦٢٠ ـ عوابس بالشّعث الكماة إذا ابتغوا |
|
علالتها بالمحصدات أصرّت (٢) |
أي : ثبتت ، وأقامت ، مداومة على ما حملت عليه.
وقال الشاعر : [البسيط]
١٦٢١ ـ يصرّ باللّيل ما تخفي شواكله |
|
يا ويح كلّ مصرّ القلب ختّار (٣) |
و «ما» في قوله : (عَلى ما فَعَلُوا) يجوز أن تكون اسمية بمعنى : الذي ، ويجوز أن تكون مصدرية.
قوله : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) يجوز أن يكون حالا ثانية من فاعل (فَاسْتَغْفَرُوا ،) وأن يكون حالا من فاعل (يُصِرُّوا ،) والتقدير : ولم يصرّوا على ما فعلوا من الذنوب بحال ما كانوا عالمين بكونها محرمة ؛ لأنه قد يعذر من لا يعلم حرمة الفعل ، أما العالم بالحرمة ، فإنه لا يعذر.
ومفعول (يَعْلَمُونَ) محذوف للعلم به.
فقيل : تقديره : يعلمون أن الله يتوب على من تاب ، قاله مجاهد (٤).
وقيل : يعلمون أن تركه أولى (٥) ، قاله ابن عباس والحسن.
وقيل : يعلمون المؤاخذة بها ، أو عفو الله عنها.
وقال ابن عبّاس ، ومقاتل ، والحسن ، والكلبيّ : وهم يعلمون أنها معصية (٦).
__________________
(١) أخرجه أبو داود كتاب الصلاة باب في الاستغفار رقم (١٥١٤) والترمذي كتاب الدعوات باب : ما أصر من استغفر رقم (٣٥٥٤) والطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٢٥) وأبو يعلى (١ / ١٢٤ ـ ١٢٥) رقم (١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩) عن أبي بكر الصديق.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبي نصيرة وليس إسناده بالقوي.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٣٩) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في «شعب الإيمان».
(٢) ينظر البيت في ديوانه (٣٤١) والبحر المحيط ٣ / ٦٠. والقرطبي ٤ / ٢١١ والدر المصون ٢ / ١٢.
(٣) ينظر البيت في القرطبي ٤ / ٢١١ والبحر المحيط ٣ / ٦٠ والدر المصون ٢ / ٢١٢.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٦٥.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٤ / ١٣٦) وأبو حيان في «البحر المحيط» (٣ / ٦٥).
(٦) انظر المصدر السابق.