والجواب : أن معناه : قتل بعضهم ، كما تقول : قتل بنو فلان في وقعة كذا ، ثم انصرفوا.
وقال ابن عطية : قراءة من قرأ «قاتل» أعم في المدح ؛ لأنه يدخل فيها من قتل ومن بقي ، ويحسن عندي ـ على هذه القراءة ـ إسناد الفعل إلى الربيين ، وعلى قراءة : قتل ـ إسناده إلى «نبي».
قال أبو حيّان : «قتل» يظهر أنها مدح ، وهي أبلغ في مقصود الخطاب ؛ لأنها نصّ في وقوع القتل ، ويستلزم المقاتلة. و «قاتل» لا تدلّ على القتل ؛ إذ لا يلزم من المقاتلة وجود القتل ؛ فقد تكون مقاتلة ولا يقع قتل.
قوله : (مِنْ نَبِيٍ) تمييز ل «كأيّن» لأنها مثل «كم» الخبرية.
وزعم بعضهم أنه يلزم جره ب «من» ولهذا لم يجىء في التنزيل إلا كذلك ، وهذا هو الأكثر الغالب. قال وقد جاء تمييزها منصوبا ، قال الشاعر : [الخفيف]
١٦٥٢ ـ أطرد اليأس بالرّجاء فكائن |
|
آلما حمّ يسره بعد عسر (١) |
وقال آخر : [الطويل]
١٦٥٣ ـ فكائن لنا فضلا عليكم ورحمة |
|
قديما ، ولا تدرون ما منّ منعم (٢) |
وأما جره فممتنع ؛ لأن آخرها تنوين ، وهو لا يثبت مع الإضافة.
و «ربيون» : جمع ربّيّ ، وهو العالم ، منسوب إلى الرّبّ ، وإنما كسرت راؤه ؛ تغييرا في النسب ، نحو : إمسيّ ـ في النسبة إلى أمس ـ وقيل : كسر للإتباع.
وقيل : لا تغيير فيه ، وهو منسوب إلى الرّبة ـ وهي الجماعة ـ وقرأ الجمهور بكسر الرّاء ، وقرأ عليّ ، وابن مسعود ، وابن عبّاس ، والحسن «ربّيّون» ـ بضم الراء (٣) ـ وهو من تغيير النسب ، إذا قلنا : هو منسوب إلى الربّ ، وقيل : لا تغيير ، وهو منسوب إلى الربة ، وهي الجماعة.
قال القرطبيّ «واحدهم ربّيّ ـ بكسر الراء وضمها».
وقرأ ابن عباس ـ في رواية قتادة (٤) ـ ربّيّون ، بفتحها على الأصل ، إن قلنا :
__________________
(١) تقدم
(٢) البيت للأعشى ينظر ديوانه (١٢٧) والدرر ٢١٢١ والهمع ١ / ٢٥٥ وشرح أبيات المغني ٤ / ١٦٧ وأوضح المسالك ٤ / ٢٧٧ ومغني اللبيب ١ / ١٥٩ وارتشاف الضرب ١ / ٣٨٦ وشرح الأشموني ٤ / ٨٥ والدر المصون ٢ / ٢٢٩.
(٣) انظر : الشواذ ٢٢ ، وينظر : الإملاء ١ / ٥٢٠ ، والبحر المحيط ٣ / ٨٠ ، والدر المصون ٢ / ٢٢٩ ، والقرطبي ٤ / ١٤٨.
(٤) انظر السابق.