خلافاً لظاهر المفيد والحلبي والديلمي ، وصريح التذكرة والحلّي (١) ، فالحرمة مطلقاً ؛ ولعلّه لقصور الخبرين عن المقاومة لما مرّ سنداً وعدداً ودلالةً ؛ إذ غايتهما نفي البأس عن الأُجرة ، وهو غير ملازم لنفي الحرمة ، إلاّ أن يثبت الملازمة بعدم القول بالفرق في المسألة ، والاستقراء الحاصل من تتبّع الأخبار الدالّة على الملازمة بينهما في كثير من الأُمور المحرّمة ، والأحوط الترك البتة.
وينبغي القطع بعدم استثناء شيء آخر ، كالحداء ، وهو سوق الإبل بالغناء ، والغناء في مراثي الحسين عليهالسلام ، وقراءة القرآن ، وغير ذلك ، وإن اشتهر استثناء الأوّل ، وحكي الثاني عن قائل مجهول (٢) ، واستثنى الثالث بعض فضلاء متأخّري المتأخّرين (٣) ؛ لإطلاق أدلّة المنع ، مع عدم ما يخرج به عنها سوى النصوص في الثالث.
وهي مع عدم مكافأتها للإطلاقات المجمع عليها هنا في الظاهر المصرّح به في كلام بعض المشايخ (٤) قاصرة الأسانيد ، ضعيفات الدلالة ، فإنّها ما بين آمرة بقراءة القرآن بالحزن ، كالمرسل كالصحيح : « إنّ القرآن نزل بالحزن فاقرؤوه بالحزن » (٥).
وآمرة بقراءته بالصوت الحسن ، كالخبر : « لكلّ شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن » (٦).
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٥٨٨ ، الحلبي في الكافي : ٢٨١ ، الديلمي في المراسم : ١٧٠ التذكرة ١ : ٥٨٢ ، السرائر ٢ : ٢٢٢.
(٢) انظر جامع المقاصد ٤ : ٢٣.
(٣) السبزواري في الكفاية : ٨٥.
(٤) مجمع الفائدة ٨ : ٥٩.
(٥) الكافي ٢ : ٦١٤ / ٢ ، الوسائل ٦ : ٢٠٨ أبواب قراءة القرآن ب ٢٢ ح ١.
(٦) الكافي ٢ : ٦١٥ / ٩ ، الوسائل ٦ : ٢١١ أبواب قراءة القرآن ب ٢٤ ح ٣.