في اعتباره هنا بل العقود مطلقاً ، كالعربيّة والماضوية وتقديم الإيجاب على القبول وغير ذلك ، وفاقاً لجماعة (١).
خلافاً لآخرين (٢) ، فاكتفوا بمجرّد الإيجابين ، إمّا مطلقاً ، أو مع اعتبار بعض ما مرّ لا كلاًّ ، التفاتاً إلى أنّه عقد فيشمله عموم ما دلّ على لزوم الوفاء به ، كقوله سبحانه ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣).
وفيه نظر ؛ إذ بعد تسليم كون مثل ذلك عقداً يحصل الشك في دخوله في الآية جدّاً وإن كانت للعموم لغة ، بناءً على عدم إمكان حملها عليه ، من حيث خروج أكثر العقود منها على هذا التقدير إجماعاً ، فليس مثله حجّة ، فيكون الإجماع حينئذٍ قرينة على كون المراد بالعقود المأمور بالوفاء بها كلاًّ ما تداول في زمان الخطاب لا مطلقاً ، ودخول المفروض فيه غير معلوم جدّاً ولم يصل إلينا ما يدلّ عليه أصلاً.
فالواجب حينئذٍ الرجوع إلى ما قدّمناه من الأصل قطعاً ، هذا.
وقد حكي الإجماع عن التذكرة على عدم الوقوع بالمضارع والاستفهام (٤) ، وعن الخلاف على اعتبار الترتيب (٥) ، إلاّ أنّ في منع العموم نظراً ، ووجهه سيظهر.
فإذاً الجواز فيما عدا ما مرّ من محلّ الإجماع أظهر ، وأمّا فيه فالاشتراط أقرب ، لحجّية الإجماع المحكي ، سيّما مع اعتضاده بعمل
__________________
(١) منهم : المحقق الثاني في رسائله ١ : ١٧٧ ، وجامع المقاصد ٤ : ٥٩ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٢ : ٢٤ ، وأُنظر المختلف : ٣٤٨.
(٢) كالمحقق في الشرائع ٢ : ١٣ ، والشهيد الثاني في الروضة ٣ : ٢٢٥ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٨ : ١٤٥ ، والسبزواري في الكفاية : ٨٨.
(٣) المائدة : ١.
(٤) التذكرة ١ : ٤٦٢.
(٥) حكاه عن الخلاف في المسالك ١ : ١٧١.