وهي في غاية الجودة إلاّ أنّ الذي يخطر بالفهم العليل والفكر الكليل عدم الخلاف في ذلك من الجماعة ، وأنّ الظاهر أنّ مرادهم من تلك الضابطة إنّما هو حيث لا يعرف للمتبايعين حقيقة عرفية واختلفوا في المبيع ، أو لم يمكن الرجوع إليهما في معرفتها بموت ونحوه ، فالضابط حينئذ ما ذكروه ، وإلاّ فمع معلوميّة عرفهما لا يمكن الرجوع إلى غيره ، وعدم إرادتهم انسحاب تلك الضابطة إلى هذه الصورة مما يقطع بتعيّنه.
ووجه الضابطة في غيرها ظاهر إلاّ في تقديم الحقيقة الشرعية حيث علمت على العرفية واللغوية إن اختلفت ، فإنّ الظاهر بل المقطوع به عدم إرادة المتبايعين غالباً إيّاها ، بل إنّما أرادا أحد الأمرين البتة ، ولعلّه لهذا لم يذكرها عدا الشهيد الثاني في المسالك والروضة (١).
وأمّا ما ربما يستأنس به له ، ممّا ورد في المعتبرة في النذر والوقف والوصية من الرجوع في الألفاظ إلى المعاني الشرعية المستعملة فيها تلك الألفاظ في الكتاب والسنة ، فمع أنّها مختصّة بموارد مخصوصة ، ومع ذلك ليست بأجمعها متّفقاً عليها بين الطائفة ، والتعدية من دون دلالة حرام البتّة ، محلّ مناقشة ؛ فإنّها وردت في الألفاظ الخاصّة التي لا يعلم لها معانٍ معينة في العرف واللغة ، بل تكون مجملة أو مبهمة ، فالتعدية إلى نحو المسألة ممّا تعرف فيه تلك المعاني فيهما مشخّصة غير واضحة.
ومما ذكرنا تحقق أنّ الضابطة الرجوع إلى عرف المتبايعين إن عُلِمَ ، وإلاّ فإلى العرف العامّ إن كان ، وإلاّ فإلى اللغة ، فتأمّل.
__________________
(١) المسالك ١ : ١٨٣ ، الروضة ٣ : ٥٣٠.