وذلك في آخر سنة عشر
وذكر الطبري أنّ وفد بني حنيفة أتوا رسول الله مع مسيلمة ، فلما رجعوا وانتهوا إلى اليمامة ، ارتدّ مسيلمة وتنبّأ وتكذّب له ، وقال : « إنّي قد أُشركت في الأمر معه » . ثم جعل يسجع السجاعات ويقول لهم فيما يقول ، مضاهاةً للقرآن . وذكر من كلامه هذا :
« لقد أَنْعَمَ الله على الحُبْلى ، أَخْرَج مِنْها نَسَمَةً تَسْعى ، بين صِفاقٍ وحَشَى » (٢) .
إنّ هذين الكلامين ، يكفيان شاهداً على ما لم نذكره . أمّا كتابه ، فهو دليل على أنّه جعل دعوى النبوّة ، أداة للحكومة ، فلأجل ذلك قسّم الأرض بينه وبين رسول الله . فانظر إلى جواب رسول الله ، المُقْتَبس من القرآن الكريم : ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّـهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٣) .
وأما قرآنه المنحول ، المفترى على الله سبحانه ، فما هو إلّا جُمَل وفصول توازن سجع الكهان ، حاول أن يعارض بها أوزان القرآن في تراكيبه . وممّا اصطنعه في هذا المجال :
« الفيل ، ما الفيل ، وما أدراك ما الفيل ، له ذنب وبيل ، وخرطوم طويل » .
« يا ضفدع بنت ضفدعين ، نقي ما تنقين ، نصفك في الماء ونصفك في الطين ، لا الماء تكدِّرين ، ولا الشارب تمنعين » .
وعلى هذا الغرار سائر كلمه المنسوبة إليه . وكلها تعرب عن جهل وحماقة فيه . ولذلك ، لما ذهب الأحنف بن قيس مع عمّه إلى مسيلمة ، وخرجا من
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام ، ج ٢ ، ص ٦٠٠ . وتاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٣٩٩ .
(٢) تاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٣٩٤ ، ولكن رواه في ص ٤٩٩ هكذا : « ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى ، الخ » . والصفاق هو الجلد الأسفل الذي يمسك البطن ، وهو الذي إذا انشق كان منه الفتق .
(٣) سورة الأعراف : الآية ١٢٨ .