ولم يقل « فتر » ، « ضعف » أو « تخاذل » ، لماذا ؟
وبعد هذا ، تقف على سبب ما اشتهر بين أئمة البلاغة من أنّ الكلمة في نظم القرآن ، تأخذ أعْدَلَ مكانٍ في بناء هذا البُنْيان ، ولا يصلح للحلول مكانها أي كلمة أُخرى ، لاستلزامه إما فساد المعنى ، أو عدم إفادة المقصود ، وإنِ اشْتَهَر في وضع اللغة قيام المترادفات مقام بعضها .
* * *
من الملاحظ ، أنّ كثيراً من آيات القرآن الكريم ، تختم بفواصل فيها حروف متشاكلة في المقاطع ، فهل هو من السجع أوْ لا ؟ .
ربما يرى بعض الأساتذة عدم اشتمال القرآن على السجع ، بحجة أنّ الفواصل غير الأسجاع ، لأنّ شأنَ القرآن أرفع من أن يُسجع فيه ، فإنّ السجع مأخوذ من سجع الحمامة ، وليس فيه إلّا الأصوات المتشاكلة (١)
يلاحظ عليه : إنّ إنكار السجع في بعض السور القصار ، خلاف الإنصاف ، غير أنّ السجع على قسمين ، ونربأ بالقرآن عن اشتماله على السجع الذي يكون المعنى فيه تابعاً له ، دون السجع الذي يكون تابعاً للمعنى .
فالأول مردود ، وهو السائد في الخطب الرائجة أيام الأُمويين والعباسيين .
وأمّا الثاني فهو يوجب حسناً في الكلام ، لأنّه على عفو الخاطر ، يأتي به المتكلم مرتجلاً بلا تكلّف ، كما هو الملموس في خطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .
وقد نبّه ابن سنان الخفاجي على هذه النكتة حيث قال ، ردّاً على الرماني : « إنّه إنْ أراد بالسجع ، ما يكون تابعاً للمعنى ، ـ وكأنّه غير مقصود ـ فذلك
__________________
(١) لاحظ النكت في إعجاز القرآن ، ص ٨٩ ـ ٩٠ .