فإذا كان النبي الأكرم خاتم النبيين ، أي مختوماً به الوحي والاتصال بالغيب ، فهو خاتم الرُّسل أيضاً . وهذا واضح لمن أمعن النظر في الفرق بين النبوة والرسالة (١) .
* * *
قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ، وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ، تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٢) .
والمقصود من الذكر هو القرآن ، لقوله سبحانه : ( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ) (٣) .
أضف إليه أنّ قوله : ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ ) ، يُفَسِّرُ الذكر ، وهو لا ينطبق إلّا على القرآن .
والضمير في قوله : ( لَّا يَأْتِيهِ ) ، يرجع إلى الذكر ، ومفاد الآية أنّ الباطلَ لا يتطرق إليه ، ولا يجد إليه سبيلاً أبداً ، بأي نحو كان ، ودونك صُوَرَهُ :
١ ـ « لا يأتيه الباطل » ، أي لا ينقص منه شيء ولا يزيد فيه شيء .
٢ ـ « لا يأتيه الباطل » ، أي لا يأتيه كتاب يبطله وينسخه ، فهو حق ثابت لا يُبَدَّل ولا يُغَيَّر ولا يُتْرَك .
٣ ـ « لا يأتيه الباطل » ، أي لا يتطرق الباطل إليه في إخباره عمّا مضى ، ولا في إخباره عمّا يأتي ، ولا يتخلف الواقع عنه قيد شعرة .
وعلى ضوء هذا ، فإطلاق الآية ينفي كلّ باطل يتصور ، وأنّ القرآن حقّ لا
__________________
(١) إن لشيخنا الأستاذ ، دام مجده ، رسالة خاصة في الفرق بين النبي والرَّسول ، لاحظ موسوعته القرآنية ، مفاهيم القرآن ، الجزء الرابع ، ص ٣١٥ ـ ٣٧٠ .
(٢) سورة فصلت : الآيتان ٤١ ـ ٤٢ .
(٣) سورة آل عمران : الآية ٥٨ .