شواهد إعجاز القرآن (٣) |
|
عدم الإختلاف في المضمون
قد عرفت في القرينة السابقة أنّ المعجزة الخالدة نزلت على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، طيلة أعوام مختلفة من حيث الشدّة والرخاء ، والرغبة والرهبة ، هذا من جانب .
ومن جانب آخر ، إنّ الإنسان جُبل على التكامل ، فهو يرى نفسه في كل يوم أعقل من سابقه ، وأنّ ما أتى به من عمل ، أو اخترعه من صنعه ، أو دَبّره من رأي ، أو أَبْدَعَهُ من نَظَر ، يراه ناقصاً مفتقراً إلى الإصلاح والتجديد . وهناك كلمة قيمة للكاتب الكبير عماد الدين أبو عبد الله محمد بن حامد الأصبهاني ( ت ٥٩٧ ) ، يقول فيها : « إنّي رأيت أنّه لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يومه ، إلّا قال في غده لو غُيِّر هذا لكان أحسن ، ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قُدّم هذا لكان أفضل ، ولو تُرك هذا لكان أَجمل . وهذا من أعظم العِبَر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر » .
وهذا في الكاتب الصادق ، وأمّا
الكاتب الذي يبني أمره على الكذب والإفتراء في أنظاره وآرائه وأحكامه وإخباراته ، فلا يمكن أن يتخلص عن التناقض والإختلاف ، ولا سيما إذا تعرّض لكثير من الأُمور المهمة في مجال العقائد والتشريعات والنُّظم الإجتماعية والأخلاقية التي تتطلب لنفسها تبنّي أدقّ القواعد وأحكم الأُسس ، ولا سيما إذا طالت على ذلك المفترى أيام ، ومرّت عليه عقود ،