الظاهر من المتكلمين الأشاعرة والمعتزلة ، تجويزهم السهو على الأنبياء إجمالاً ، إمّا في مقام إبلاغ الدين ، كالباقلاني (١) ، وإمّا في غيره كما عليه غيره . قال الإيجي في المواقف .
« أمّا الكبائر عمداً ، فمنعه الجمهور ، والأكثر على امتناعه سمعاً . وقالت المعتزلة ـ بناء على أُصولهم ـ يمتنع ذلك عقلاً . وأمّا سهواً فجوزه الأكثرون .
وأمّا الصغائر عمداً ، فجوّزه الجمهور إلّا الجُبّائي . وأمّا سهواً فهو جائز اتّفاقاً ، إلّا الصغائر الخسية ، كسرقة حبة أو لقمة » (٢) .
وجوّز القاضي عبد الجبار صدور الصغائر منهم عمداً ، قال في شرح الأُصول الخمسة : « وأمّا الصغائر التي لا حَظَّ لها إلّا في تقليل الثواب دون التنفير ، فإنّها مجوّزة على الأنبياء ولا مانع يمنع منها » (٣) .
فإذا كانت الكبائر من الذنوب جائزة عليهم سهواً عند الأكثر ، أو كان صدور الصغائر منها جائزاً عليهم سهواً بالإتفاق ، بل عمداً عند القاضي عبد الجبار كما تقدم في كلامه ، فمن الأولى أن يجوزوا عليهم السهو في غير الذنوب ، أعني في مجال تطبيق الشريعة أو أعمالهم الفردية والاجتماعية ، كيف لا وقد روى الجمهور في الصحاح والمسانيد وقوع السهو من النبي ، كما يجيء بيانه ونقاشه .
وأمّا الإمامية ، فالمحققون منهم متفقون على نفي السهو عن الأنبياء مطلقاً حتى في تطبيق الشريعة كالصلاة ، وإليك فيما يلي نقل نصوصهم في هذا الشأن .
__________________
(١) قد مرّ نصّ كلام صاحب المواقف في هذا المجال عند البحث في المرحلة الثانية من مراحل العصمة ، وهي عصمة الأنبياء في تبليغ الرسالة ، فلاحظ .
(٢) المواقف ، ص ٣٥٩ .
(٣) شرح الأصول الخمسة ، ص ٥٧٥ .