٥ ـ إنّ التشريعات القرآنية ليست تقنينات جافة ، خالية من الضمانات الإجرائية ، بل لم تغفل عنها ، فجعلت لتنفيذها ضمانات إجرائية داخلية وخارجية ، فإيمان الرجل بدينه وقرآنه وما يترتب عليه من مثوبات وعقوبات أُخروية ، أقوى وازع داخلي وعاطفي في الإنسان يدفعه إلى التطبيق ، ويردعه عن المخالفة . إضافة إلى العقوبات البدنية والغرامات المالية التي حددها .
٦ ـ إنّ التشريع القرآني ذو مادة حيوية ، خلاقة للتفاصيل ، بحيث يقدر معها علماء الأُمة والإخصائيون منهم على استنباط ما يحتاج إليه المجتمع في كل عصر . فإذا انضمت إليها الأحاديث النبوية ، وما وصل إلى الأُمة ، من أوصياء النبي ، نجد التشريع الإسلامي وافياً باستنباط آلاف الفروع التي يحتاج إليها المجتمع على امتداد القرون والأجيال .
هذا ما نتبناه في هذا البحث ، ولا تظهر حقيقته إلّا بشرح كل واحدة من هذه السمات شرحاً إجمالياً ، يوقفنا على قوة التشريع القرآني وإتقانه .
* * *
من الأسباب ، الدافعة إلى صلاح الإسلام للبقاء والخلود ، مرونة أحكامه التي تُمَكِّنه من أن يماشي جميع الأزمنة ، والحضارات .
وقد تمثلت هذه المرونة بأُمور نذكر منها اثنين :
إنّ التشريعات القرآنية تنظر إلى المعاني والحقائق لا إلى المظاهر والقشور ، ولذلك لا تجد في الإسلام مظهراً خاصاً من مظاهر الحياة له من القداسة ما يمنع من تغييره ، ويوجب حفظه إلى الأبد بشكله الخاص ، ولأجل ذلك لا يقع التصادم بين تعاليمه والتقدم العلمي الهائل في مظاهره وأشكاله الخارجية ، وإليك بعض الأمثلة :