١ ـ إنّ الإسلام دعا إلى بثّ العلم والتربية ، ولكن الذي يهم الإسلام ، في جميع الأزمنة هو الحقيقة والجوهر من ذينك الأمرين ، وأمّا الكيفية والشكل ، فلا يهمّانه ، بل الهدف إشاعة العلم بأي وسيلة كانت ، وإرساخ التربية في نفوس الناس بأي سبب تحقق .
وإنّ أجهزة نشر العلم ، وأسباب التربية ، قد ترقت من أبسط الأساليب إلى أعقدها ، فمن الكتابة بالقصب على أوراق الشجر وعظام الحيوانات وجلودها ، إلى نشر العلم عن طريق الأجهزة الإذاعية والدوائر الإلكترونية .
فلو كانت هناك قداسة لأسباب معينة ، كالكتابة بالحبر أو بالجصّ ، لما كتب للإسلام البقاء (١) .
٢ ـ إنّ القرآن يدعو الأُمّة الإسلامية إلى التأهُّب في مقابل الأعداء ، وإعداد ما استطاعوا من قوة ، يقول تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ) (٢) . فما هو المطلوب ، هو كسب القوة والإقتدار على كفاح المخالفين .
والمراد من القوة هو الآلات الحربية وأدوات النضال ، سواء أكانت أسهماً ورماحاً وسيوفاً ، أو دبابات ومدافع وطائرات وصواريخ . فالكلُّ أشكال ، واللُّب واحد ، وهو دوام الإستعداد في مقابل الأعداء .
فلو كانت الفروسية والرمي بالسهام هي مظاهر الكفاح العسكري الذي يدعو إليه الإسلام ، فقد حلّ مكانها أدوات مهيبة مدمّرة قويّة ، والإقتصار على الأولى كان سينجر حتماً إلى إبادة المسلمين . غير أنّ الجهاد بالسهم والرمح ، أو الجهاد بالصواريخ والدبابات ، أشكال وألبسة للحكم الإسلامي بالجهاد ، فاللِّباس يتغير ويحتفظ باللُّب .
٣ ـ القرآن يدعو المسلمين إلى العزّة والعظمة والإستقلال ، ورفض التبعية
__________________
(١) لاحظ ما ورد حول بثّ العلم والكتابة والتربية في الكتاب العزيز . وأظن أن الباحث الكريم في غنىً عن الإشارة إلى الآيات الواردة في هذا المجال .
(٢) سورة الأنفال : الآية ٦٠ .