المجال من أبرز ما يفترق فيه القرآن عن العهدين . والأنبياء هم رجال الوحي والهداية ، ورجال الإصلاح والتربية ، قاموا بخدمة النوع الإنساني ، ولاقوا من المصائب والمتاعب الكثير في سبيل دعوتهم ، فيصفهم سبحانه في القرآن بقوله : ( وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ) (١) .
وبقوله : ( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) (٢) .
إذا عرفت ذلك فلنبدأ بالمقارنة ، ونكتفي بالأنبياء العظام : آدم ، ونوح ، وإبراهيم ، ولوط ، ويعقوب ، وداود ، وسليمان ، والمسيح ، عليهم السلام .
وبعد المقارنة يتجلى أنّ القرآن لم يتأثر في تقييمهم وتوصيفهم بفضائل الأخلاق ، بالعهدين الذَّيْن يصفان رجال الوحى برذائل الأوصاف وسيئات الأعمال ، كما سترى . نعوذ بالله من سوء الظن برجالات الوحي والهداية .
* * *
يقول سبحانه في خلق الإنسان : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ، فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ، وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ، وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ، وَلَكُمْ فِي
__________________
(١) سورة ص : الآية ٤٧ .
(٢) سورة آل عمران : الآية ٣٣ .