الأكل ، وما هذا إلّا لإفادة أنّ الذئب أتى على جميع أجزاء يوسف وأعضائه ، فلم يترك منه شيئاً ، حتى لا يطالبهم والدهم بالإتيان ببقية أجزاء بدنه .
٤ ـ يقول سبحانه عن لسان عبدة الأصنام : ( وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ، إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ) (١) . ولم يقل : « ان امضوا وانطلقوا » ، وذلك لإفادة أنّ الدفاع عن الآلهة أمر يطابق سجيتهم ، كالمشي وراء الحوائج .
٥ ـ يقول سبحانه : ( وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٢) ، مع أنّ لله سبحانه ما سكن فيهما وما تحرك . وما ذلك إلّا لأنّه ليس المراد من السكون ما يضاد الحركة ، وإنّما المراد من السكون هو الإستقرار في نظام العالم ، سواء كان متنقلاً عن موضعه أو ساكناً فيه .
فالسكون في الآية ، نظيره في قوله سبحانه : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) (٣) . فليس المراد من السكون فيها الإستقرار بلا حراك ، بل الطُمَأْنينة الروحية .
ولأجل ذلك لو وضعت مكان « سَكَنَ » أية كلمة أخرى ترادفها ، مثل « خَمَدَ » ، « استَقَرّ » ، « وَقَفَ » ، تخرج الآية من روعتها ، وربما يفسد المعنى .
وبذلك ينفتح بابٌ واسعٌ للدِّقةِ في نَظْمِ القرآن ، فنأتي بنموذجين مع إحالة الإجابة عنهما إلى الباحث الكريم ، ليقف على جوابهما بالإمعان .
٦ ـ يقول سبحانه : ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) (٤) ولم يقل « قريب » ، « حاضر » أو « عتيد » ، لماذا ؟ .
٧ ـ يقول سبحانه ـ حاكياً عن زكريا ـ : ( إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) (٥)
__________________
(١) سورة ص : الآية ٦ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٣ .
(٣) سورة الروم : الآية ٢١ .
(٤) سورة الرحمن : الآية ٥٤ .
(٥) سورة مريم : الآية ٤ .