وأي مقام أكرم وأعظم من إراءته ملكوت السموات والأرض ، كما يقول تعالى : ( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (١) .
وأي تفانٍ في جنب الله ، وطلب مرضاته سبحانه ، أقوى من تفانيه بإستعداده لتضحية ولده وذبحه إمتثالاً لأمره سبحانه (٢) .
هذا هو إبراهيم ، بطل التوحيد ، في الذكر الحكيم ، فهلم نقرأ صحيفة حياته التي صوّرتها التوراة المحرّفة ، بما يندى له الجبين من قراءته وسماعه ، تقول :
« وحدث جوع في الأرض فانحدر أَبرام إلى مصر ليتغرّب هناك ، لأن الجوع في الأرض كان شديداً * وحدث لما قرب أنْ يدخل مصر أنّه قال لساراي إمرأته : إني قد علمت أنّك إِمرأَة حسنة المنظر * فيكون إذا رآك المصريون أنّهم يقولون هذه إِمرأَته ، فيقتلونني ويستبقونك * قولي إِنَّك أُختي ، ليكون لي خير بسببك ، وتحيا نفسي من أجلك * فحدث لما دخل أبرام إلى مصر أنّ المصريين رأوا المرأة أنّها حسنة جداً * ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون ، فأخذت المرأة إلى بيت فرعون ، فصنع إلى إبراهيم خيراً بسببها ، وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإِماء وأُتن وجمال * فضرب الربّ فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي إِمرأَة أَبرام * فدعا فرعون أَبرام وقال : ما هذا الذي صنعت بي ، لماذا لم تخبرني أنّها إِمرأَتك ؟ * لماذا قلت هي أُختي حتى أَخذتُها إليَّ لتكون زوجتي . والآن هو ذا إِمرأَتك ، خذها واذهب * فأَوصى عليه فرعون رجالاً فشيّعوه وامرأَته وكل ما كان له » (٣) .
فمغزى هذه الأُسطورة أَنّ إِبراهيم صار سبباً لأخذ فرعون سارة ، زوجة
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٧٥ .
(٢) لاحظ سورة الصافات : الآيات ١٠٢ إلى ١٠٧ .
(٣) العهد القديم ، سفر التكوين ، الأصحاح الثاني عشر ، الجملات ١٠ ـ ٢٠ ، ص ١٩ ، ط دار الكتاب المقدس .